صدر عن علماء البحرين بيان تهنئة وتبريك للمقاومة على نصرها الكبير، هذا نصّه:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد: ٧)
نصرٌ أحمر
سنةٌ وثلاثة أشهرٍ مِن الوحشيَّة والهمجيَّة الصهيونيَّة، المدعومة أمريكيًّا وغربيًّا، ويقابلها مقاومةٌ أسطوريَّة معزولة مستضعفة.
سنةٌ وثلاثة أشهرٍ مِن الآلام والمعاناة والتَّضحيات، مِن الدِّماء النَّازفات والأشلاء المقطَّعات، مِن الدَّمار الواسع لكلِّ مظاهر الحياة، يقابلها صبرٌ وثبات، وشموخٌ يحاكي الجبال الشَّامخات، أفشل جميع المخطَّطات.
سنةٌ وثلاثة أشهرٍ كانت كفيلةً بكسر هيبة وغرور الجيش الصُّهيوني الذي لم يحقِّق شيئًا مِن أهدافه الاستراتيجيَّة المعلنة، ولم يسجِّل في لوحةِ خزيه إلَّا قتل المدنيِّين مِن النساءِ والأطفالِ والرجال، واغتيال الأبطال، وتدمير البيوت ومرافق الحياة مِن المدارس والمساجد والكنائس والمستشفيات. وكفيلة بفضح الوجه القبيح لأمريكا والأنظمة الغربيَّة التي ما فتئت تتبجَّح بحقوقِ الإنسان، وإذا بها تدوسها تحت الأقدام فداءً لمصالح المحتل الصُّهيوني الخبيثة، وتكريسًا لمنطق الهيمنة والاستكبار الذي لا يعرفون غيره.
جاءت الحرب الصُّهيونية الشَّاملة ردًّا على معركة “طوفان الأقصى” الذي وجَّهت خلالها فصائل المقاومة الفلسطينية صفعةً قويَّةً لوجه المحتلِّ الجاثم على صدر الشَّعب الفلسطيني لسنين متطاولة مارَسَ خلالها ولا زال يمارس أنواع الجرائم والانتهاكات، هذه الصَّفعة الاستثنائيَّة مثَّلت هزيمةً مدوِّيةً بكلِّ المقاييس للمحتلِّ الغاشم المتجبِّر ، وكلِّ الجرائم التي ارتكبها في حربه الشَّاملة لم تتمكَّن من تلافي آثار تلك الهزيمة والفشل الذَّريع، بل على العكس؛ فقد أثبتت المقاومة وشعبها قدرةً فائقة على الصَّبر والتحمُّل والثَّبات وعدم الانكسار أمام غطرسة المحتل وداعميه الأمريكان، وخرجت مِن الحرب شامخةً منتصرةً، وكرَّست الانتصار الذي بدأته بمعركة طوفان الأقصى.
لا شكَّ أنَّ التَّضحيات جسام، وفي مقدَّمتها الشُّهداء العظام، وعلى رأسهم شهيد الأمَّة وسيِّد المقاومة وأمينها سماحة السَّيد حسن نصر الله “تغمَّده الله بواسع رحمتِه، وحشره مع الحسين سيِّد الشهداء وقائدهم”، ولكنَّ المبادئ والقيم، وقضايا الحقِّ والعدالة والحريَّة والكرامة، ومقدَّسات الأمَّة، تستحقُّ كلَّ هذه التَّضحيات.
ولا يسعنا هنا إلَّا أن نقف اجلالًا واكبارًا لهذا الثَّبات المنقطع النَّظير، وهذه التَّضحيات العظيمة، ونبارك للمقاومة وأمَّة المقاومة بكلِّ مواقعها وساحاتها، هذا النَّصر الأحمر الكبير المستحقِّ، {..وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ} (آل عمران: 126 – 127).
علماء البحرين
26 رجب 1446هـ
27 يناير 2025م