1- طيلة السّنوات الماضية؛ سطّر شعبُنا العزيز أروعَ مشاهد الصّمود في وجه الطّغيان الخليفيّ، ويمكن القول إنّ ثورة 14 فبراير جَمَعت ثلاثة عناوين أساسيّة كان لها الفضل في منح الثورةِ قوّتها وقدرتها على الاستمراريّة وتجديد العنفوان، فهي ثورةٌ تأسسّت من أرضِ الحراك الشّعبي ومطالبِ النّاس المحقّة ولم تنزل عليهم من الخارج، كما أنّ شعب الثّورةِ صنعَ وسائله الخاصّة في الاحتجاج والحضورِ الجماهيريّ والعمل الثوريّ وفي كلّ ساحات البلاد، وسيّجَ نضاله بعطاءٍ لا حدود له من التّضحيات على مستوى الشّهداء والسّجناء والجرحى والمهجّرين، وتحمّله كلّ أشكال الأذى التي وثّقتها التقارير الحقوقيّة. إنّ قصصَ التّحدّي الأسطوريّ التي تتواصل اليوم داخل السّجون، وفي وجه المرتزقةِ وآلات القتل في ساحاتِ البحرين هي برهانٌ ساطع على علوّ إرادةِ الشّعب وشموخ الثورةِ، وهو ما سيشهده الجميعُ مرّة أخرى هذا العام مع استعداد شعبنا لإحياء الذّكرى المجيدة للثورة، وتجديد العهد مع الشّهداء والجرحى والسّجناء والقادة الرّهائن لاستكمالِ طريق الحريّةِ والتحرّر.
2- في استقبالِ فبراير الثورة؛ نؤكّد الخطوط العريضة للمشروع السّياسيّ الذي تتمسّك به قوى المعارضة في البحرين، والعنوانُ الأساسيّ لهذا المشروع هو الحلّ السّياسيّ الشّامل الذي يتأسّسُ على بناء دولةٍ عادلةٍ وذات سيادة كاملةٍ من خلال دستورٍ متقدّم يكتبه ممثلو الشّعب الحقيقيّون، ويلبّي تطلعات الشّعب في إدارةِ شؤون بلاده، واستكمال استقلال الوطن، وتحقيق العدالة الانتقاليّة وفق المعايير الدّوليّة. ورغم ما تعرّضَ له شعبُ الثورة وقوى المعارضة من تحدّيات داخليّة وخارجيّة؛ لن يقبلوا بأيّ حلول جزئيّة أو محاولات خادعة للهروب إلى الأمام، ولا سيّما مع طباع الغدر والكذب التي عُرِف بها الطّاغية حمد منذ انقلابه على وعوده للمعارضة مقابل تمرير ورقة الميثاق في فبراير 2002م، وتولّيه في الوقت نفسه لتنفيذ خطّةِ التجنيس وتخريب التركيبة السّكانيّة وضمن مشروع الإبادةِ الثقافيّة المتواصل ضدّ وجود شعبنا وهويّته الأصيلة.
3- عبّرت ثورةُ البحرين عن تقاليد أخلاقيّةٍ وإنسانيّة انطلاقًا من أصالةِ مطالبها ومصداقيّتها، ومن ذلك عدم تردّدها أو تأخُّرها في نصرةِ المقاومة في غزّة ولبنان ودعمها بكلّ السبل، ومهما كانت الأثمان باهظة، وهو ما أثبته شعبُنا بحزم وإيمان عبر المحطّات التي مرّ بها الصّراعُ ضدّ الصّهيونيّة، وآخرها طوفان الأقصى وحرب الإبادة على غزّة ولبنان، فكان الحضور غير المنقطع في ميادين النصرةِ للمقاومة الفلسطينيّة واللبنانيّة والعربيّة، والتّصدّي للتّطبيع وسفارة العدو في المنامة. وقد حَرَص شعبنا وشبابنا الثوريّ على إعلان هذا الموقف دون خوف أو وجل، مشدّدين على رفض أيّ تحالف معادٍ للمقاومة وشعوبها، وقد واصلَ الشعبُ هذا المسار حتى بعد إعلان وقف النار في غزّة ولبنان، وهو اليوم يشارك أهلنا في غزّة الإباء وفي جنوب لبنان المقاوم أفراحَ الانتصار على حرب الإبادة الصهيونيّة، إذ أجبر الجنوبيّون جيشَ الاحتلال على الانسحاب من معظم بلداتهم، وزحفوا باتجاه دبابات الاحتلال رافعين رايات المقاومة وصور قائدها شهيد الأمّة الأقدس سماحة السيّد حسن نصر الله (رضوان الله تعالى عليه)، وقد تلاقى ذلك مع انتصار أهل غزّة ومقاومتها ونجاحهم في إفشال مخطّط التهجير الجماعي، فأكدت مقاومة غزّة حضورها ورسوخ أقدامها ما صَدم الصّهاينة وأعوانهم، كما قدّم أهل غزّة مشهدًا آخر من الصّمود غير المسبوق؛ حين تدفّقوا في سيلٍ بشريّ مهيب نحو منازلهم ومناطقهم رغم الدّمار الكامل. إنّ الدّرسَ الذي قدّمه أهلُ غزّة وجنوب لبنان سيكون عنوانَ المرحلةِ الجديدة التي تبشّر بنهوض الشّعوب الحرّة وصعود المقاومة وبأقوى ممّا مضى، وعلى أنقاضِ أحلام الشّرق الأوسط الجديد واندحار المحتلين والطّغاة.
المجلس السّياسيّ – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
البحرين المحتلّة
الإثنين 27 يناير/ كانون الثاني 2025م