تحتفظ الذاكرة الوطنيّة بقصص الشهداء كجزء لا يتجزأ من تاريخنا المعاصر، مخلّدة بذلك تضحياتهم من أجل العدالة والحريّة.
يوسف موالي، إحدى تلك الشخصيّات التي لن تُنسى، هو رمز للتضحية المجيدة، وكان رحيله فصلاً مُوجعًا في سياق حكاية كفاح شعب بأكمله. تعجز الكلمات عن وصف الفراغ الذي خلّفه استشهاده في قلوب محبّيه، لكنّ هذا الفراغ أصبح جزءًا من الوجدان العام، يذكّرنا بإرادة شعب لا يلين وبثمن الحريّة التي لا بدّ من دفعها.
يوسف ابن الـ24 ربيعًا، من أبناء قلالي بجزيرة المحرّق، طالما كان شعلة من النشاط وسط جيله. في الثالث عشر من يناير/ كانون الثاني 2012، كانت السماء تبكي فقدًا لروح اخُتطفت منّا نهائيًا، إذ وُجدت جثّته تطفو على سطح البحر بجزيرة أمواج.
يوم الأربعاء الحادي عشر من يناير/ كانون الثاني، خرج يوسف من بيته وتلاشى صوته في صمت مفاجئ. فُقد الاتصال به واختفت آثاره. استبدّ القلق بأسرته فهرعوا للبحث عنه في زوايا قلالي وصدحوا باسمه في مراكز الشرطة، حيث أُخبروا أولاً بأنّه محتجز في التحقيقات الجنائيّة. لكنّهم عندما قصدوا المركز، كذّب الخبر وعانقتهم جدرانه بالصمت والنفي. بعد يومين من الأسى والدموع، أخبرهم مركز الشرطة أنّ البحر قد جاد بجثمان يوسف؛ جسد بلا روح يطفو على الأمواج كأنّما يروي قصّة عذابه في لجّة البحر.
وهكذا نختتم قصّة يوسف بدموع عميقة تحمل رسالة قويّة ضدّ التعذيب والإخفاء. يظلّ استشهاد يوسف خالدًا في ذاكرة الثورة، يُذكِّر أجيال الغد بأنّ معاني الكرامة وحقوق الإنسان يجب ألا تُستباح أبدًا.
اليوم، عندما نستذكر يوسف ورفاقه، فإنّنا نؤكّد تمسّكنا بمناهضة التعذيب وكلّ صور الظلم. نحن لا نسير وحدنا، فروح يوسف وهتافه لا يزالان يسيران بيننا، يشعلان بقلوبنا ثورة لن تقر بالظلم، ولن تُساوم على الحقيقة.