تحت ظلال الظلم والجبروت، تنتفض روح النضال في تاريخ قاعدة الحريّة؛ إذ نجد تلك البطولات النادرة التي تزهق أرواحها لتحيا الأمم.
الشهيد «آية الله الشيخ نمر باقر النمر»، السجين الذي أصبح رمزًا للثبات على الحقّ، لم تُمحَ وصمة إعدامه المظلمة من ذاكرة الشعوب رغم مرور السنين، وما زالت تثير الغضب والاستنكار العالميّ تجاه النظام السعوديّ الذي نفّذ الجريمة باسم أيديولوجيات مسيّسة.
اليوم، الثاني من يناير/ كانون الثاني، تحيى الذكرى التاسعة لتلك الجريمة التي شهِدت إزهاق روح كانت تفيض بحبّ الإنسانيّة والعدالة. في مثل هذا اليوم، أُزهقت روح آية الله النمر، الشخص الذي كان يحمل في قلبه أمل تحرير شعبه من قبضة القهر والاستبداد. لم ينتهِ دوره الدينيّ والجهاديّ بإعدامه، بل ترك وراءه جمرة تأبى أن تنطفئ، تلهم القلوب الحرّة في كلّ مكان.
تعود بداية المعاناة إلى العام 2006، حيث كان اعتقال هذا العالم الشجاع أولى الشرارات التي أضاءت نورًا في درب المعارضة الحجازيّة. تلاها اعتقالات متعدّدة، لكنّها لم تثنِ عزيمته، إلى أن كان الاعتقال الأخير في العام 2012 بعد هجوم مسلّح استهدفه لانتقاده صريحًا أفرادًا من النظام السعوديّ.
يُلخّص إعدام آية الله الشهيد النمر الأساليب الوحشيّة التي تتبعها أنظمة القهر لإسكات الأفواه وقهر العقول التي تجرؤ على التفكير. فالنظم المستبدّة في المنطقة، لا تطق تلك الحريّات ولا تتحمّل الأنوار التي تنشرها الأقلام والأفكار.
فكم عظيم هو الإجرام الذي تمارَسُه السلطات السعوديّة، من اعتقالات تعسفيّة وإخفاء قسريّ، وكان آخر تجلّياتها الترويع بالقتل الغامض كما حدث مع الصحافيّ «جمال خاشقجي»، في أبشع صور الجرائم التي تشهدها الإنسانيّة، وتسمّى، بلا جدال، إرهاب الدولة.
فلتكن ذكرى النمر منارة تستنهض الهمم وتنير دروب الكفاح، ولتبقَ رسالته صرخة في وجه الظلم، تجدّد العزيمة في قلوب الأحرار والشرفاء. إذ حتى متى سيظلّ العالم صامتًا على جرائم آل سعود؟