في قلب توهّج الثورة وعلى صفحات النضال، تكتب الأمم أروع قصص التضحية والبطولة، ومن هذه الصفحات المشرقة، يبرز اسم «الشهيد السيّد هاشم السيّد سعيد» كنجمة تلألأت في سماء الحريّة وتوهّجت في ذاكرة الأمّة، اسم يذكّرنا بثمن الحريّة ووقودها المؤلم والمجيد في آن.
السيّد هاشم، فتى في ريعان الشباب، بعمر لا يتجاوز الخامسة عشر ربيعًا، من مدينة الزهراء (الدوّار 10)، كان يشع بأحلام الشباب وآمال المستقبل. هُوِيَ شهيدًا في يوم قاسٍ مساء السبت الموافق 31 ديسمبر/ كانون الأوّل 2011 في سترة – الخارجيّة، حيث شكَّل وجودُه حينئذ أثرًا بليغًا في ذاكرة كلّ من عرفه أو سمع بقصّته المؤثرة.
في ذلك المساء المشؤوم، وخلال فعاليّة سلميّة حملت عنوان «اللحظة الحاسمة»، وكانت تُنادي بالحريّة والكرامة في منطقة الخارجيّة بجزيرة سترة، أخذت الأحداث تتجه نحو التراجيديا. إذ تعرّض الشهيد السيّد هاشم لطلقة مباشرة من عبوات الغازات السامة، عن قرب شديد لا يتجاوز بضعة أمتار، مستهدفة إيّاه بكلّ برودة وقسوة. الطلقة التي اخترقت عنقه من الجانب الأيمن تسبّبت في تهتكات فادحة بالأوعية الدمويّة ونزف داخليّ حاد، أفضى به إلى الفراق الأبديّ فور وصوله إلى مستشفى السلمانيّة، تاركًا وراءه وجعًا ولوعة لا تنتهي.
إنّ رحيل الشهيد السيّد هاشم لم يكن نهاية مسار، بل كان شعلة أوقدت في قلوب مواطنيه نيرانًا لا تخبو. فقد صارت شهادته رمزًا يُلهم أجيالًا، وشرارة أشعلت في الأرواح الثائرة ألوانًا من العزم والإصرار على مواصلة الكفاح والثورة. لم تدفن ذكرى هاشم في التراب، بل زُرعت في الأحرار لتنبت طموحًا بلا حدود وتصميمًا على استرداد الحقوق المسلوبة والعيش بكرامة في وطن الأحرار.
الشهيد السيّد هاشم لم يفقد حياته سُدى، بل بات اسمه قصيدة ثوريّة، تُردّد في كلّ زاوية وشارع، مُجسّدةً إيمانًا راسخًا بأنّ دماء الشهداء هي نبراس يُضيء دروب الحريّة، مهما اشتدّت عتمة الليل.