الظلم قد يغيّب شمس الحقيقة لحظات، لكنّ فجر العدالة المنشود لا يعرف الغروب. في أروقة البحرين، تزأر قضيّة هزّت الضمائر واقتلعت الصمت من جذوره، قضيّة المعتقلين المحكوم عليهما بالإعدام جورًا «محمد رمضان وحسين علي موسى».
رجلان ارتبط اسماهما بالدفاع عن الحقّ والكرامة الإنسانيّة، واليوم، تعزف قيودهما نشيد الحريّة المطلقة.
«محمد رمضان وحسين موسى»، ابنا البحرين البارّان، وجدا أنفسهما خلف قضبان الظلم، محمّلين بسياط تهم ملفّقة وأحكام جائرة. في عزلة زنزانات تسرّب اليأس من فتحاتها، يمضي هذان المناضلان أيامًا وليالي تتسع فيها رقعة الظلام. لكنّ الأمل يظلّ ينبض في القلوب المتعطّشة للعدل، ويظلّ النضال متّقدًا كالشعلة التي لا تخبو.
حين اختطفت قوّات الأمن «حسين موسى» كان كالصيحة التي أيقظت ضمير المجتمع، أمّا «محمد رمضان» الذي اعتقل مثله، فقد صارت محنته شرارة الثورة التي لا تنطفئ. كلاهما أصبح رمزًا للصمود، وجسدًا للمعاناة المحفورة في قلب الوطن.
حكم الإعدام الذي صدر عليهما كان كالمطرقة التي لا تبغي إلّا سحق العظام وكسر الأرواح، لكن هيهات أن تجبن الإرادة، هيهات أن تنحني عزائم الرجال الصادقين. فلقد صرخت الجماهير في وجه الظلم، رافعة راية الإنسانيّة عاليًا، ومطالبة بإنصاف حسين ومحمد.
تعالت الأصوات ضدّ التعذيب، ضدّ المحاكمات المشوّهة، وضدّ الحكم القائم على اعترافات مبتورة من أجساد تئنّ تحت وطأة التنكيل. ولم تفتر هذه الأصوات بالرغم من المحاولات البائسة لخنقها، بل ازدادت علوًّا وقوّة، فتخطّت الحدود لتصل إلى المحافل الدوليّة.
اليوم، في كلّ قطرة دم تنزف في السجون وتحت العذاب، يزداد يقين حسين ومحمد بأنّهما سيكونان شعلة لن تنطفئ في ظلمة الطغيان. فالحريّة ليست فقط حلمًا يراودهما في الليالي الطويلة، بل هي قضيّة يعيشون من أجلها، يتألّمون من أجلها، ويرفضون الخضوع لغيرها.
المطالبة بالحريّة لـ«محمد رمضان وحسين موسى» هي صرخة في وجه العدوان، هي دعوة مستمرّة لكلّ إنسان حرّ، لكلّ ضمير حيّ، لكلّ قلب ينبض بحبّ العدالة. لتظلّ قضيّتهما وصيّة لنا جميعًا، محرّكًا للنضال، ومنارة للمعتقد بأنّه لا يمكن لأصفاد القهر أن تكبّل الحقّ.
فلنقف جميعًا في وجه هذا الظلم المستشري، ولنصرخ بصوت واحد حتى يصل إلى أقصى نقاط الأرض: الحريّة لمحمد رمضان، الحرية لحسين موسى! فالعدالة لا تعرف الهوادة، والتاريخ لا يرحم من يقف في صفّ الطغيان.