في الذكرى السنويّة التاسعة عشرة لرحيل «العلّامة الشيخ عبد الأمير الجمري (ره)»، يثور الحبر ويمتزج بصدى الكرامة، إذ نستحضر ذاكرة النضال في انتفاضة التسعينيّات التي لم تكن إلّا تجسيداً للصرخة ضدّ الظلم، بأسلوب ثوري لا يعترف بالهزيمة.
لقد كان الراحل الشيخ الجمري، بمواقفه الجريئة والشجاعة، الأب الروحيّ لجيل كامل ينشد الحريّة والعدالة في وجه النظام الخليفيّ، حاملاً شعلة الأمل في درب مظلم ممتدّ على طول تاريخ النضال في البحرين.
من منّا يستطيع أن ينسى تلك اللحظة التاريخيّة عندما أعلن الشيخ الجمري رفضه المطلق للقمع والتهميش، مناديًا بحقوق شعب برمّته بأسلوب سلميّ لا يخلّ بجوهر النقاش السياسيّ والاجتماعيّ؟! لقد وضع بوصلته نحو الحريّة والكرامة، مستنفرًا عقول الشباب وقلوبهم ومنحهم القدرة على الحلم بغد أفضل.
على الرغم من القبضة الحديديّة التي ووجه بها، من الاعتقالات المتكررة إلى الإقامة الجبريّة، أبى الشيخ الجمري أن يكون صوته مجرّد صدى يتلاشى مع الزمن. بل كان يصرّ على حقّ الشعب في تقرير مصيره، مجسّدًا بذلك واحدة من أروع صور النضال السلميّ، ومقدِّمًا في الوقت نفسه درسًا للأجيال القادمة في كيفيّة الإبقاء على شعلة الحقّ متّقدة رغم عتمة الظلم.
«نحن أصحاب قضيّة» لم تكن هذه الكلمات مجرّد شعار، بل كانت إعلانًا لحقيقة ناضل الجمري من أجل تجذيرها في وجدان أبناء البحرين وذاكرتهم. لقد زرع الأمل في نفوسهم وأوقدهم بحبّ الوطن، فأصبحت هذه الكلمات رمزًا للصمود والوحدة في مقارعة التحدّيات الصعبة.
سيرة الشيخ الجمري تُعدّ درسًا في الثبات والإباء، حيث يُستلهم من ذكراه دافع لتجديد الهمّة والإصرار على تحقيق العدالة والحريّة.، إذ ترك بصمة لا تُنسى وسيظلّ دومًا رمزًا لنضال يتجدّد من أجل الكرامة، ومحفورًا في ذاكرة التاريخ بفضل ما قدّمه من فكر وعطاء وتضحيات.
في هذا اليوم نتذكّر «الشيخ عبد الأمير الجمري (ره)» ليس فقط كرجل دين أو قائد نضاليّ، بل كأيقونة ثوريّة أطلقت شرارة أحلام كثير من الشباب في بحريننا الحبيبة. حملت دعوته إلى النضال السلميّ في طيّاتها قوّة تفوق قوّة السلاح، مؤكّدًا أنّ القلم والكلمة يمكنهما أن يصنعا التغيير الذي ننشده جميعًا.