كلّ عام، يأتي السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأوّل مستحضرًا معه ملامح من الماضي الذي يحاكي قصصًا عن البطولة والفداء والوفاء مع ذكرى استشهاد «الشهيدين هاني خميس وهاني الوسطي»، اللذين رسمت دماؤهما مسار الحريّة في انتفاضة الكرامة عام 1994.
في هذا اليوم، تتجدّد الذاكرة الوطنيّة، ويتعاظم الشعور بالوفاء لأولئك الذين قدّموا أرواحهم فداء لكرامة الإنسان وحريّته، معلنين بذلك عيدًا وطنيًّا تتجلّى فيه أسمى معاني الإخلاص والتضحية.
«عيد شهداء البحرين» لا يعدّ مجرّد تاريخ يمرّ في السنة، بل هو يوم التفكّر في الماضي واستشراف المستقبل بروح العطاء والثورة. إنّه يمثّل رمزًا للوطنيّة الخالصة والتضامن من أجل الحريّة والكرامة. يوم الشهداء هو استذكار للأحرار الذين تحدّوا الظلم والطغيان، وارتقوا شهداء في ساحات الوغى، وسجون الظلام، وتحت أشد أنواع التعذيب، لتبقى حكايتهم مصدر إلهام لكلّ الأجيال.
– تجديد التضامن وزيارة رياض الشهداء
يأتي عيد الشهداء كذكرى نستحضر فيها قيم الإيثار والفداء، ولكن يجب ألّا تقف الذكرى عند هذا الحدّ؛ فضرورة تجديد التضامن مع عوائل الشهداء تأتي كأولوية يجب أن تتجسّد في أفعالنا وليس فقط في الكلمات. فعوائل الشهداء هم من حملوا لواء الصبر والثبات، وقدّموا أغلى ما يملكون في سبيل الوطن والحريّة.
زيارة رياض الشهداء في مختلف المناطق هي فعل من أفعال الوفاء والتكريم للشهداء الأبرار. تزيين هذه الرياض بالورود، ورفع صور الشهداء ليس فقط تكريمًا لهم، بل هو تجديد للعهد بأنّ دربهم سيظلّ مضيئًا في قلوبنا، وأنّ نضالهم لن يذهب سُدى. إنّه يعكس إدراكنا للتاريخ والتفاني في مسيرة الحريّة التي بدأوها.
في عيد الشهداء، دعونا نعيد النظر في ماضينا بفخر وتقدير لأولئك الذين قدّموا أرواحهم فداء للحريّة والعدالة. دعونا نجدد العهد والوفاء لهم بأن نواصل الطريق، متمسّكين بالأمل، ومستلهمين من تضحياتهم دروسًا في الصمود والكفاح. يجب أن يظلّ عيد الشهداء يومًا للتذكير بأنّ الحريّة تتطلب التضحية، وأنّ ذكرى الشهداء ستظلّ خالدة ما دامت القلوب تنبض بحبّ الوطن والحريّة.
فلتكن ذكرى الشهداء منارة تضيء درب الأجيال القادمة، مُلهمة إيّاهم بروح التضحية والعطاء، ومؤكّدة أنّ الحريّة والكرامة هما أعظم ما يسعى إليه الإنسان.