يتقدّم المجلسُ السّياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير بأرقى عبارات التّعظيم لشهداء البحرين الأبرار في ذكرى عيدهم المجيد التي يحييها الشّعبُ هذا العام تحت شعار «شهداؤنا هويّتنا».
1- إنّ ذكرى «عيد الشهداء» هي مناسبةٌ عظيمة يُعلنُ من خلالها شعبُنا وقواه الحيّة وفاءهم الثّابت للشّهداء العظام والأهداف العليا التي ضحّوا من أجلها، ولذلك يرفضُ أن تكون هذه المناسبة محلًّا للمساومةِ أو التّنازل، وقد أصرّ على مدى أكثر من 30 عامًا على إحيائها بكلّ السّبل، وإفشال محاولات تشويهها واختطافها من جانب السّلطة الخليفيّة، إدراكًا منه أنّ هذه المحاولات الخبيثة كانت ترمي لمحو ذاكرةِ العزّة والحريّة التي يجسّدها الشّهداءُ الأبرار، وإدخال ذاكرةٍ مزوّرة تعبّر عن هويّةِ الكيان الخليفيّ وبُنيته المرتبطة بالاستعمار وقوى الاستكبار، إلى أن أضحت اليوم أشدّ ارتباطًا وتبعيّةً بالمشروع الصّهيونيّ- الأمريكيّ.
2- عندما اندلعت انتفاضةُ الكرامة في التّسعينيّات؛ كانت الظّروف المحيطة بشعبنا وبلادنا مليئةً بالتّعقيدات الإقليميّة، ولكنّ قرار شعبنا في الحريّة واستعادة السّيادة الحقيقيّة كان مبنيًّا على إيمانه بمطالب محقّةٍ وضروريّة، وعدم الخضوع للتّوازنات الصّغيرة واختلال المعادلةِ لصالح أنظمة القمع، ولذلك كان خياره المضي في الانتفاضةِ التي حملت آنذاك عنوان الإصلاح الدّستوريّ، وتقديم نموذج مضيء في العمل الوطنيّ المشترك وفي قدرةِ الشّعب على الثّبات وتطوير وسائل الاحتجاج، وتجلّى ذلك منذ البداية مع سقوط أوّل شهداء الانتفاضة «هاني الوسطي وهاني خميس» في 17 ديسمبر 1994، حيث ترسّخ مفهومُ التّضحية والصّمودُ في وجه القتل والبطش والاعتقال، وتحويل ذلك كلّه إلى وقودٍ تزيد من شعلةِ الانتفاضة واتّقادها، وإلى أنْ أجبرت الطّاغية حمد على الاستجابة لمطالب الانتفاضة بعد عقْدٍ من انطلاقها، قبل أنْ يعودَ مرّة أخرى إلى الخديعةِ وينقلب على الدّستور العقدي، ويُدخِل البلادَ في أسوأ العهودِ إجرامًا وتبعيّةً وتآمرًا على وجود الشّعب وهويّته الأصيلة.
3- نرى أنّ احتلال آل خليفة لجزر البحرين، قبل قرنين ونيّف، وفرضهم سرديّة تصفُ الاحتلالَ بـ«الفتح»؛ لم يكن صدفة وعابرًا، بل كان مقصودًا ومخطّطًا له، وعلى غرار ما تفعله كلّ قوةٍ غازية في التاريخ تكون غريبةً عن الأرض والشّعب، حيث تعمل منذ اليوم الأوّل لاحتلالها على الجمع بين الإبادة الماديّة والإبادة الثقافيّة، فتُوقِع المجازر والدّمار، وتمحو شيئًا فشيئًا كلّ تاريخ السّكان الأصليّين وهويّتهم الدّينيّة والثّقافيّة، وتفرضُ عليهم سرديةَ الغزاة المصطنعة وبقوّةِ السّلاح، وبمساندة من الأعوان الأجانب. وبناء على ذلك؛ نؤمن بأنّ المعركة الأساسيّة في البحرين هي معركة الدّفاع عن هويّةِ الشّعب، واسترجاع ما أُبِيدَ منها عبر الزّمن، والتّصدّي لكلّ الخطط الجارية لإبادةِ ما تبقّى من هذه الهويّة، بما في ذلك عدم اعتراف الكيان الخليفيّ بيوم الاستقلال عن الاستعمار البريطاني «14 أغسطس»، وإنتاج كذبة تحت اسم «العيد الوطنيّ» في «16 ديسمبر» وفرضها على الشّعب، ثمّ توسيع هذه الكذبة في عهد الطاغية حمد باختراعه عنوان جديد لغزو البحرين وهو «تأسيس الدّولة الحديثة الخليفيّة» ليضيف بعدها اختراعًا آخر في هذا اليوم وهو «يوم الشّهيد» بغرض التّشويش على إحياء الشّعب لعيد شهدائه، وتحويل المرتزقة القتلى إلى «شهداء» يحظون بأعلى مستويات التكريم والرّعاية، ومن أموالِ الدّولة المسروقة. ولهذا السّبب فإنّنا نرى أنّ «عيد الشهداء» هو المناسبة المثلى لتظهير حقيقة الصّراع مع الكيان الخليفيّ، بما هو صراع بين هويّة الشّعب الأصيل وهويّة الغازي الدّخيل.
4- إنّ استمرار منع إقامة صلاة الجمعة المركزيّة في بلدة الدّراز، ومحاصرتها عسكريًّا منذ شهر أكتوبر الماضي ومنع المواطنين من التّوافد إلى جامع البلدة؛ هو من الوجوه الخطرة لحرب الهويّة التي يشنّها الخليفيّون على شعبنا المؤمن، ومهما طالَ هذا الحصار والإجرام فإنّ شعبنا وعلماءه الأحرار لن يقبلوا التّنازل عن عقائدهم وشعائرهم، ولن يخضعوا للقيود والقوانين الجائرة ضدّ المقدّسات والحريّات الدّينيّة، لأنّ القبول بذلك سيعني الدّخول في المشروع الصّهيونيّ الذي ينفّذ الطّاغية حمد جوانبَ منه من خلال تجفيف الينابيع والمنابر الأصيلة المعبّرة عن ضمير الأمّة وقيمها الثّابتة.
5- لم يكن غريبًا أن يسجّل الطّاغية حمد اسمه في سجلّ أوّل الحكّام العرب الذين بادروا رسميًّا إلى مباركة الحكم الجديد في سوريا بزعامة الإرهابيّ الجولاني، تحت ذريعة رئاسته للدّورة الحاليّة لجامعة الدّول العربيّة، فكلاهما ارتكبا الجرائم والإرهاب بحقّ الأبرياء، وهما من مدرسةٍ واحدةٍ في الخداع وتغيير الأقنعة بحسب الظّروف وأوامر المشغّلين الأجانب، ويلتقيان في معاداة المقاومةِ وقادتها الشّهداء، في التودّد والتّطبيع مع الكيان الصّهيونيّ، وغضّ الطّرف عن إبادته المستمرة في غزّة، واحتلال المزيد من الأراضي السّوريّة. إنّ هويّة الطّاغية هي ذاتها هويّة كلّ الإرهابيّين والصّهاينة وعملاء الأمريكان، أمّا هويّة شعبنا فلن تحيد عن نصرة فلسطين ومقاومتها، والتّصدّي للمشروع الصّهيونيّ- الأمريكيّ وعبيده وأدواته، ونعبّر عن ثقتنا بأنّ الشّعب السّوريّ لن يتخلّى عن تاريخه في مقاومة العدوّ الصّهيونيّ، وهو سيبني وطنه بيده الحرّة وسيحرّر أرضه وقراره من رجس الغزاة والإرهابيّين.
المجلس السّياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير