عندما نستعرض صفحات التاريخ، نجد أن هناك تواريخ قد خطت بحروف من نور ودم، تواريخ شكّلت نقاط تحوّل جذريّة في مسير الشعوب نحو الحريّة والكرامة.
من بين هذه اللحظات التاريخيّة الفارقة، تبرز ذكرى انطلاق انتفاضة الكرامة في البحرين في العام 1994، التي استطاعت أن تجمع تحت لوائها القوى اليساريّة والليبراليّة والإسلاميّة في وجه ظلم مستبدّ وقمع لا يرحم.
لقد كانت انتفاضة الكرامة أكثر من مجرّد مظاهرات أو احتجاجات؛ كانت صرخة أمل وإصرار على الحياة بكرامة، ورفض القمع والاستبداد. ففي خضم الاعتقالات والتعذيب والقمع الشديد، استمر الشعب البحرانيّ بكلّ بسالة يطالب بحقّه في الحياة الكريمة.. في الديمقراطيّة.. وفي المشاركة السياسيّة الشاملة.
لم تكن تلك الانتفاضة فعلًا احتجاجيًّا فقط، بل كانت رسالة إلى العالم بأنّ الشعوب، مهما تعرّضت للقمع، ستظلّ تناضل من أجل حقوقها وكرامتها. وقد كان ثمن المشاركة بهذه الانتفاضة باهظًا؛ حيث استشهد نحو 40 مواطنًا ضحّوا بأرواحهم من أجل أن تحيا البحرين حرّة، كريمة، عادلة.
لم يتوقّف تأثير انتفاضة الكرامة عند الإطار الزمنيّ الذي اندلعت فيه؛ فقد تركت بصماتها على الوجدان الجماعيّ للشعب البحرانيّ، وأصبحت إلهامًا للأجيال القادمة.
لم تكن فقط نقطة تحوّل في تاريخ البحرين، بل كانت مصدر إلهام لثورة اللؤلؤة في العام 2011، حيث استمدّ الشعب البحرانيّ منها العزيمة والإصرار على المطالبة بحقوقه والدفاع عن كرامته.
في ذكرى انطلاقها، نستذكر انتفاضة الكرامة ليس كحادثة تاريخيّة مضت، بل كرمز للنضال المستمرّ والأمل الذي لا يموت في قلوب الأحرار.
نستذكر الشهداء الذين قدّموا أرواحهم فداءً لهذه القضيّة، ونتعهّد بأن نحمل لوائهم نحو مستقبل تسوده العدالة والكرامة.
تذكّرنا ذكرى انتفاضة الكرامة بأنّ الطريق نحو الحريّة والكرامة طويل وشاق، لكن بإرادة الشعوب وتضحياتها، يمكن تحقيق المستحيل. وفي النهاية، ستنتصر إرادة الحياة على القمع والظلم.
تحيّة إلى شعب البحرين وكلّ الشعوب التي تناضل من أجل حريّتها وكرامتها في وجه الطغيان.