قال قائد الثورة الإسلاميّة آية الله السيّد علي خامنئي إنّه لا ينبغي الشكّ في أنّ ما جرى في سورية هو نتيجة مخطّط مشترك بين أمريكا والكيان الصهيونيّ.
جاء ذلك في كلمة له، يوم الأربعاء 11 ديسمبر/ كانون الأوّل 2024، لدى استقباله حشدًا من مختلف أطياف المجتمع الإيرانيّ في حسينيّة الإمام الخميني (رض) بطهران، حيث أكّد أنّ ما حدث هو نتيجة خطّة أمريكيّة وصهيونيّة مشتركة، إضافة إلى دور واضح لإحدى الدول الجارة لسورية.
ورأى سماحته أنّ المقاومة هي المقاومة؛ كلّما زاد الضغط عليها أصبحت أقوى، وكلّما ارتكبت جرائم ضدّها ازدادت عزيمتها، وكلّما حوربت ازدادت اتساعًا، مشدّدًا على أنّ رقعة المقاومة ستنتشر أكثر من أيّ وقت مضى لتشمل المنطقة بأسرها.
وحول سورية قال سماحته: بالطبع، هؤلاء المهاجمون الذين تحدّثت عنهم، لكلّ منهم غاية مختلفة. أهدافهم ليست واحدة؛ بعضهم يسعى من شمال سورية أو جنوبها إلى احتلال الأرض، بينما تسعى أمريكا إلى ترسيخ وجودها في المنطقة. هذه هي أهدافهم، ولكنّها لن تتحقّق. فالمناطق المحتلّة في سورية سيحرّرها الشباب السوري الغيور، ولا شك في أنّ هذا سيحدث، ولن يثبت أيّ موطئ قدم لأمريكا وستُطرد من المنطقة على يد جبهة المقاومة.
وفي قضيّة «داعش» أوضح أنّ هذا التنظيم كان بمثابة قنبلة لزعزعة الأمن؛ إذ كان هدفه الأول زعزعة استقرار العراق، ثم سوريا، وبعدها تعميم حالة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة بأكملها، وصولاً إلى الهدف الرئيسي والأخير، وهو الجمهورية الإسلاميّة في إيران، لإثارة الفوضى داخلها وزعزعة أمنها واستقرارها، وهو ما دفع الجمهوريّة إلى التدخّل لمواجهة هذا الخطر، والحضور إلى العراق وسوريا، وذلك لسببين أساسيين، هما: الأوّل كان الحفاظ على حرمة الأماكن المقدّسة، التي لم تسلم من تخريبهم، والسبب الثاني كان مرتبطاً بمسألة الأمن. فقد أدرك المسؤولون في وقت مبكر وبسرعة أنّ هذا الخطر إذا لم يُوقف في مكانه، فسيمتدّ ليصل إلى داخل إيران، ما سيعرّضها لحالة من الفوضى وعدم الاستقرار، لذا توجهت القوّات الإيرانيّة، ومنها قادة بارزون كالشهيد قاسم سليماني ورفاقه ونظّموا الشباب بداية في العراق ثمّ في سوريا، وعملوا على تسليحهم وتدريبهم، وتمكّنوا من الوقوف في وجه «داعش»، وكسر شوكته، وتحقيق النصر عليه.
وتابع سماحته أنّ الحضور الإيرانيّ العسكري في سوريا والعراق لم يعنِ أنّ نقل القوّات الإيرانيّة لتحلّ محل جيوش تلك الدول، بل كان دورها استشاريًّا.
ولفت إلى أنّ ما تواجهه سورية اليوم من مصائب ناتج عن لحظات من الضعف التي ظهرت هناك. ومع ذلك، يبقى الأمل في أن ينهض شباب سوريا في المستقبل، ويتقدّموا إلى الميدان لوقف هذه الكوارث وإعادة الأمور إلى نصابها، مضيفًا: بعد الأحداث التي وقعت في سورية، ابتهجت قوى الاستكبار ظنًّا منها أنّ سقوط الحكومة السوريّة، الداعمة لجبهة المقاومة، يعني إضعاف هذه الجبهة. لكن هذا التصوّر خاطئ تمامًا. أولئك الذين يعتقدون أنّ جبهة المقاومة قد ضعفت بسبب هذه الأحداث يفتقرون إلى الفهم الصحيح لطبيعة المقاومة وماهية هذه الجبهة.
وأوضح سماحته أنّ جبهة المقاومة ليست مجرّد معدّات ماديّة أو نظام يمكن كسره أو تفكيكه أو القضاء عليه. بل هي إيمان، فكر، قرار حاسم وقاطع ينبع من القلب. المقاومة هي مدرسة فكريّة وعقائديّة، فلا يمكن القضاء على إيمان مجموعة من الناس بالضغط عليهم، بل على العكس، الضغط يجعل هذا الإيمان أقوى.
وقال: انظروا إلى حزب الله في لبنان. المصائب التي أصابت حزب الله لم تكن أمرًا بسيطًا. خسارة شخصيّة عظيمة مثل السيّد حسن نصر الله، لو حدثت، ليست بالأمر العادي. ومع ذلك، فإنّ حزب الله بعد هذه المصائب أصبح أقوى. هجماته، قوّته، ضرباته القويّة أصبحت أشدّ مما كانت عليه في السابق. حتى الأعداء أدركوا واعترفوا بذلك، لقد ظنّوا أنّ توجيه ضربة لحزب الله سيمهد الطريق لهم لدخول الأراضي اللبنانيّة وإجبار حزب الله على التراجع حتى نهر الليطاني. لكنّهم لم يتمكنوا من تحقيق ذلك؛ بل وقف حزب الله بثبات وبكامل قوّته وأجبرهم على طلب وقف إطلاق النار. هذه هي المقاومة.