في قلب جزيرة المحرّق، وضمن أروقة التاريخ المثقلة بالأحداث الأليمة، يبرز اسم يتلألأ بين صفحات الزمان، إنّه الشهيد «محمد غلوم عبد الله بوجيري» الذي ارتقى إلى العلا شهيدًا بعمر ناضج من العطاء والتضحية، وهو في ربيعه السابع والعشرين.
لم يكن يوم الثاني من ديسمبر/ كانون الأوّل لعام 1976م يومًا عاديًا، بل كان يومًا حفر في ذاكرة الوطن بأحرف من دم، حينما قُدّم الشهيد بوجيري ضحيّة لوحشيّة الأنظمة الأمنيّة والاستخباراتيّة التي كانت تحكم بقبضة من فولاذ.
في ذلك اليوم، تجلّى أقصى معاني الظلم والتعذيب تحت إشراف «إيان هندرسن»، الرجل الذي تحمل سيرته صفحات سوداء من قمع الأصوات الحرّة. محمد غلوم بوجيري، الشاب الذي لم يهدأ له بال في طلب الحقّ والدفاع عن العدالة، انتزع من بين رفاقه وأحبائه ليكون شعلة تحرق ظلم الطغاة وجبروتهم.
نقف اليوم، لنستذكر هذا الرمز الثائر الذي لم يتردّد في تقديم أغلى ما يملك دفاعًا عن كرامة شعبه وسيادة وطنه. محمد غلوم، الذي روت دماؤه الطاهرة تراب المحرّق الباسلة، لا يزال حيًّا في قلوبنا وأرواحنا، يُلهم الأجيال الصاعدة الشجاعة والصمود بوجه الطغيان.
إنّ ذكرى استشهاد بوجيري ليست مجرّد حادثة تاريخيّة، بل هي منارة لطريق الحريّة، تذكير مستمرّ بأنّ الدماء التي سالت دفاعًا عن الحقّ لن تذهب هدرًا. إنّها دعوة ملحّة لكلّ مناضل وحرّ تحت سماء الوطن، ليتمسّك بالعدل ويقاوم الظلم مهما كان الثمن.
اليوم، ونحن نستعيد ذكرى استشهاده، نجدّد العهد على مواصلة خطّ الشهيد بالفداء، اقتداء به، وسيرًا على درب الكفاح، مستلهمين من شجاعته وتضحيته ما يفوق الوصف. دعونا نسِر جميعًا على خطى محمد غلوم بوجيري، نضالًا وصراعًا، حتى نرسم بأيدينا لوحات النصر والتحرّر، فكلّ شبر في هذا الوطن يستحقّ أن نقاتل من أجله.
المجد للشهيد «محمد غلوم عبد الله بوجيري»، والخلود لروحه الثائرة التي ستبقى راية خفّاقة في سماء البحرين، ومعلمًا للثائرين والأحرار.