في أحضان الليل البهيم، وتحت سماء تنضح بالظلم المعتم، تَعلُو دعوات الحريّة مطالبة بإنهاء مأساة الأسير الذي صادرت حريّته أروقة القضاء الغائبة عن العدل. لا تنحصر الثورة في الصراع على الأرض؛ إنما هي جدال فكريّ، نضال حتى آخر نفس من أجل العدل والكرامة الإنسانيّة.
الأسير بين قضبان القدر
زهير إبراهيم جاسم عبدالله عباس، ابن جزيرة سترة، ذلك الشاب الذي بلغ من العمر 44 عامًا، تلقى خلالها التعليم وأسّس لنفسه حياة بسيطة، وجد نفسه غارقًا في بحور الاتهامات منذ ذلك اليوم القاحل الذي اقتادته فيه قوى الأمن إلى الغرف الباردة لسجن جوّ المركزي في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017. وتحت وطأة التحقيقات والمحاكمات، أصدر القضاء في نوفمبر من العام التالي حكمًا تقشعر له الأبدان وتهتزّ له الإنسانيّة – الإعدام. وبالرغم من مرور الوقت وهو يقبع في مبنى العزل، في 15 يونيو/ حزيران 2020، رُسمت خطوط مصيره بالحبر الأسود، حيث أصبح حكمه نهائيًّا، حكم يصمّ الآذان ويعتصر القلوب.
وقفة على أعتاب الحريّة
لا يزال حبر الظلم ينتشر على أوراق الأيام، مخلّفًا بصماته على جدران الزنازين وخلفها، روح إنسان متعطّش للحريّة. اليوم، تقع على عواتقنا مسؤوليّة تاريخيّة تتمثّل في إعلاء مرتكزات الإنسانيّة وحمل مشاعل العدالة لإضاءة دروب مظلمة، والصراخ بأعلى الأصوات منادين بإسقاط حكم الإعدام الجائر والتلويح بالافراج عن زهير عباس دون قيد أو شرط.
لا يجوز بأيّ حال من الأحوال أن تُغتال الحريّات وتُصادر الأنفاس باسم العدالة. فحياة الإنسان عصيّة على التقويم والتسعير، ولا يحقّ لنظام أو سلطة أن تحجب الشمس عن أعين الذين يحلمون بالعدل والمساواة. فمن الواجب الآن التحرّك ضدّ موجة الإعدامات وتحويلها إلى سيل جارف من الضغط المطالب بالحريّة والحقّ في الحياة.
إنّها لحظة فارقة تتطلّب منّا جميعًا أن نتكاتف ونرفع صوتنا بل نثور في وجه القهر والظلم، متوّجين ذلك الصراخ بصدى يتردّد في كلّ مكان: لا لتنفيذ الإعدام… نعم للحياة والحريّة!