على مدار أكثر من عقد من الزمان، مرّت أرض البحرين بأزمنة مظلمة، كشف تقرير اللجنة البحرينيّة لتقصّي الحقائق، الذي سطّره «محمود بسيوني» في العام 2011، مجموعة من الانتهاكات الخطرة والجرائم ضدّ الإنسانيّة.
وعلى الرغم من المدّة الطويلة التي مرّت، لم تشهد البحرين ظلال التغيير المأمول؛ فالنظام الخليفيّ لم يعمل على تطبيق أيّ من تلك التوصيات الملحّة.
في صفحات تقرير بسيوني الـ500، رُسمت صورة قاتمة أبرزت عددًا لا يحصى من الفظائع التي شملت قتلًا تحت التعذيب، قتلًا خارج الإطار القانوني، اضطهادًا طائفيًّا، وانتهاكات بحقّ الحريّات الأساسيّة، بما في ذلك الحريّات الدينيّة. هذه الانتهاكات الموثّقة بأدلّة لا لبس فيها، جرت في أروقة أهمّ الأجهزة الأمنيّة للدولة، لكنّ ردّ النظام الخليفي جاء بتجاهل صارخ ومستمرّ لكلّ التحذيرات والنداءات.
بعد مرور هذا الوقت الطويل، لم تُحاسب الشخصيّات الحكومية المسؤولة، بل كُرّمت وعُزّزت مكانتها، في مظهر واضح لرفض فكرة التغيير والإصلاح. وهكذا تستمرّ موجة من القمع والظلم تغمر شعب البحرين، في الوقت الذي يصمّ العالم أذنيه عن النداءات المستغيثة من قلب هذا البلد.
الأدهى والأمرّ أنّ المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة وبريطانيا، الذي عوّدنا أن يرفع لواء الحريّات، يتجاهل عمدًا المطالب بإنهاء الانتهاكات في البحرين. وبعد كلّ هذه السنين، لم تفِ تلك الدول بوعدها بضمان تنفيذ توصيات التقرير، ما يترك البحرين في دوّامة من الانتهاكات التي تتسع يومًا بعد يوم.
واليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، نجدّد النداء للعالم أجمع بضرورة الالتفات إلى معاناة البحرين، ونحثّ على ضرورة تبنّي نهج يقطع مع كلّ أشكال القمع والاضطهاد، ويفتح المجال أمام أشكال الحريّات والعمل السياسيّ الحرّ كافّة. الحريّة، الكرامة، العدالة، ودولة القانون ليست مجرّد شعارات، بل هي حقوق أساسيّة يجب أن يُتعامَل معها كمقدّمة غير قابلة للتفاوض لبناء مستقبل أفضل للبحرين وشعبها.