أمّ قائد الثورة الإسلاميّة «الإمام السيّد علي الخامنئيّ» صلاة الجمعة في مصلّى الإمام الخمينيّ «قدّه» في العاصمة طهران، وذلك على إثر استشهاد القائد الكبير «السيّد حسن نصر الله»، وعلى أعتاب الذكرى الأولى لمعركة «طوفان الأقصى».
وقد توافد المصلّون منذ ساعات الفجر الأولى من كلّ أنحاء إيران نحو العاصمة، حاملين صور قائد الثورة الإسلاميّة والشهيد السيّد نصر الله والشهيد القائد قاسم سليماني وشهداء المقاومة ورموزها.
السيّد الخامنئيّ أكّد في خطبته أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة لا تتأخر ولا تنفعل أو تتسرّع في أداء واجب الدفاع، ويُعمل بما هو المعقول في الوقت المناسب وفقًا لأصحاب القرار السياسيّ والعسكريّ.
ودعا سماحته المسلمين الى تقوى الله والالتزام بهذه الحدود وعدم تجاوزها، لافتًا إلى أنّهم إذا تعاونوا فإنّ العزّة الإلهيّة ستكون سندًا لهم، وأنّ الولاية تعني الترابط والثبات بين المسلمين وسياسة القرآن تتجلّى بهذا الأمر، مؤكّدًا أنّ أعداء الأمّة الإسلاميّة هم أعداء فلسطين ولبنان والعراق ومصر وسورية واليمن.
ونوّه سماحته إلى أنّ الأمّة الإسلاميّة اليوم أصبحت واعية وبإمكانها أن تتغلب على هذه الخطط لأعداء المسلمين، مبيّنًا أنّه إذا أرادت الشعوب ألّا تبتلى بالحصار يجب أنّ تفتح عيونها جيّدًا وتكون على قدر من الوعي.
وأضاف أنّ معركة «طوفان الأقصى» حركة منطقيّة وصحيحة، وهي من حقّ الشعب الفلسطينيّ الذي يمتلك كامل الحقّ في أن يقف بوجه هؤلاء المحتلّين، وكلّ شعب لديه الحقّ بأن يدافع عن سيادته ووحدته وأرضه أمام المحتلّين والغاصبين.
ورأى سماحته أنّ الذين يساعدون الشعب الفلسطيني يؤدّون واجبهم الدينيّ، ولا أحد يمكنه أن يحتجّ على هذا الأمر، فالدفاع المستميت للشعب اللبنانيّ عن الشعب الفلسطينيّ هو شرعيّ وقانونيّ ولا يحقّ لأيّ أحد ينتقد دفاعه الإسنادي لغزّة، مشدّدًا على أن إيران لن تتأخّر في أداء واجب الدفاع ولن تقصّر أيضًا في هذا الخصوص، مشيرًا إلى أنّ العمليّة الإيرانيّة الأخيرة شرعيّة وقانونيّة.
وحول استشهاد القائد العظيم «السيّد نصر الله»، صرّح السيّد الخامنئيّ بأنّه ارتأى أن يكون تكريم «أخيه وعزيزه ومبعث افتخاره والشخصيّة المحبوبة في العالم الإسلامي واللسان البليغ لشعوب المنطقة ودرّة لبنان الساطعة سماحة السيّد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) في صلاة جمعة طهران»، قائلًا إنّ الجميع محزون ومكلوم بمصابه، ففقدانه كبير أفجع الأمّة جمعاء بكلّ ما للكلمة من معنى.
وتابع سماحته خطابه متوجّهًا بشكل خاصّ للشعبين اللبنانيّ والفلسطينيّ، قائلًا: «سيّد المقاومة كان للمناضلين على طريق الحقّ سندًا ومشجعًا وكان اللسان البليغ للمظلومين والمدافع الشجاع عنهم، كما كان أيضًا الراية الرفيعة للمقاومة في وجه الشياطين الجائرين والناهبين»، مؤكّدًا أنّه «غادرنا بجسده لكن شخصيّته الحقيقة، روحه ونهجه وصوته الصادح ستبقى حاضرة فينا أبدًا».
وأضاف قائد الثورة الإسلاميّة كلمة للشعب اللبنانيّ المقاوم: «أعزّائي يا شعب لبنان الوفيّ، يا شباب حزب الله وحركة أمل، يا أبنائي هذا أيضًا ما يريده سيّدنا الشهيد اليوم من شعبه وجبهة المقاومة ومن الأمّة الإسلاميّة جمعاء، هو ألّا نيأس».
وأوضح سماحته أنّ العدوّ الجبان عندما عجز عن توجيه ضربة للبنية المتماسكة لحماس وحزب الله والجهاد الإسلاميّ وغيرها من الحركات المجاهدة في سبيل الله، عمد إلى التظاهر بالنصر من خلال الاغتيالات والتدمير وقصف المدنيّين، لافتًا إلى أنّ حزب الله هو حقًّا شجرة طيّبة، وبتدبير «الشهيد السيّد نصر الله» وحكمته أوصلها مرحلة بمرحلة وطوال 30 عامًا من إدارة الكفاح الشاق إلى النور، مؤكّدًا أنّ الدمار سيعوّض وصبر الشعب اللبناني ومقاومته وثباتهم سيثمر عزّة وكرامة.
ولفت إلى أنّ حزب الله والسيّد الشهيد بدفاعهم عن غزّة وجهادهم من أجل الأقصى وإنزالهم الضربة بالكيان الغاصب والظالم قد خطوا خطوة ليس فقط في سبيل خدمة مصيريّة للمنطقة بأكملها بل أيضًا في سبيل خدمة كلّ الإنسانيّة، وأنّ السلوك السفّاح والوقح لهذا الكيان تجاه المناضلين ناجمٌ عن الطمع بتحقيق هذا الهدف، ولكنّه اليوم قد توصل بنفسه إلى نتيجة مفادها أنّه لن يحقّق النصر أبدًا على حماس وحزب الله، وأحلامه والأمريكيّين هي محض أوهام مستحيلة.
وأكّد أنّ فقدان قادة الثورة في إيران ليس هيّنًا لكنّ مسيرة الثورة لم تتوقف أو تتراجع بل تسارعت، وهذا ما سيحصل للمقاومة في المنطقة بعد استشهاد سيّدها، فلن تتراجع والنصر سيكون حليفها.
وأضاف قائد الثورة الإسلاميّة أنّ المقاومة في غزّة أبهرت عيون العالم، وأعطت العالم الإسلاميّ العزّة، مؤكّدًا أنّ جهاد رجال فلسطين ولبنان قد أعاد الكيان الصهيوني 70 سنة إلى الوراء، كما أنّ طوفان الأقصى وعام من المقاومة في غزّة ولبنان قد أوصل هذا الكيان الغاصب إلى أن يكون هاجسه الأهمّ حفظ وجوده، وبقاؤه وهو الهاجس نفسه الذي كان يشغل هذا الكيان في السنوات الأولى من تشكيله.
وختم قائد الثورة الاسلامية خطبة الجمعة بإلقاء التحية والسلام على «القائد الشهيد نصر الله وعلى البطل الشهيد هنيّة وعلى القائد المفتخر الفريق قاسم سليماني».