يرى المفكرون الصهاينة أنّ إبادة الشعوب عملية باهظة التكاليف، وتستنزف موارد هائلةً على المدى الطويل، ما يستدعي تجنبها قدر الإمكان، في المقابل، يرون أنّ تصفية القيادات والزعامات أقل تكلفةً وأكثر جدوىً، وبالتالي تحظى بالأولوية في خططهم.
لكن مراقبين يؤكدون أنّ التحليل التاريخي والسلوكي للكيان الصهيوني على مدار العقود الماضية يبرهن أنّ الممارسات طويلة الأمد للصهاينة قد جانبها الصواب تمامًا، فلم تحقق أهدافها بل على النقيض، أدى مع تعاقب الأزمان إلى تعاظم قوّة الطرف المقابل وقدراته، وهذا الاستنتاج التاريخي يطرح تساؤلًا جوهريًّا: ما الذي يدفع الكيان الصهيوني وقادته للإصرار على هذا النهج، رغم إخفاقاته المتكررة وتداعياته الوخيمة؟ وللإجابة عن هذا التساؤل المحوري، يمكن الإشارة إلى عاملين أساسيين يقفان وراء هذا الإصرار الأعمى والمنافي للمنطق: الدعم الأمريكي والغربي اللامحدود، والإمداد العسكري المستمر دون قيود. وحالة الاضطرار واليأس الناجمة عن انعدام البدائل والخيارات الاستراتيجية الأخرى.
ويرى مراقبون أنّ المنظومة المعرفيّة والثقافية الراسخة التي تستند إليها المقاومة، ممثلةً في حزب الله والفصائل الفلسطينيّة، والتي تحظى بالتفاف شعبي عميق، قد أثمرت مزيجًا فريدًا من نوعه، وقد يتجلى هذا المزيج في صورة نضال ومقاومة ضد الاحتلال والطغيان، وفي نهضة حازمة لاسترداد الحقوق المسلوبة والأراضي المحتلة.
ولعله من الإنصاف القول إن الضرر المعنوي والأخلاقي الذي يلحق بالكيان الصهيونيّ جراء سفك دماء الأبرياء – من الرضع والأطفال والنساء العزل والمرضى العاجزين – لا يقل فداحةً عن الضربات العسكرية التي يوجهها المجاهدون في ساحات القتال، بل إن حنق الکيان الصهيوني وغيظه من الحاضنة الشعبية للمقاومة، قد يفوق غضبه من المقاتلين أنفسهم.