في قلب الثورة، حيث تتجسّد أرواح الشهداء في جدار الحريّة وتروي دماؤهم أرض النضال، يبقى ذكر الشهيد «السيّد جواد أحمد هاشم مرهون» خالدًا كرمز للتضحية والإيمان بقضيّة عادلة.
في وقتٍ تتصاعد فيه أصوات الأحرار، وتتشابك أياديهم معلنين تحدّيهم للظلم والاستبداد، كان السيّد جواد يحمل أمانته بقوّة وإيمان، مصمّمًا على المضيّ قدمًا نحو العدالة.
«الشهيد السيّد جواد أحمد»، ابن الـ36 ربيعًا، من بلدة الخارجيّة في جزيرة سترة، خطّ لنفسه مسارًا في معركة الحقّ، هذه المعركة التي أقسم على عدم التراجع عنها حتى آخر نفس؛ ذلك النفس الذي فارقه في 14 سبتمبر/ أيلول عام 2011، في ردهات مستشفى السلمانيّة، تاركًا خلفه قصّة بطولة تُروى للأجيال.
طريقة استشهاده تنطوي على صفحات من الألم والتضحية، فقد تعرّض للاختناق جرّاء الغازات السامة في أعقاب هجوم وحشي شنّته قوّات المرتزقة على تظاهرة سلميّة في منطقته. لم يقتصر شرّ هذا الهجوم على المتظاهرين، بل امتدّ ليشمل منازل الأهالي، حيث انهالت الغازات السامّة عليها بكثافة، وعلى رغم من تدهور حالته الصحيّة، أبى السيّد جواد الذهاب إلى المستشفى لاحتمال اعتقاله هناك، لكنّ استمرار معاناته يومين أجبره على الاستسلام لرحلته الأخيرة نحو المستشفى، حيث استشهد، مخلّفًا وراءه رسالة عزيمة وإصرار.
رحل الشهيد وبقيت قيمُه، مُلهمة أجيالًا شاركته الحلم والنضال. إنّ الشهادة ليست نهاية الطريق، بل هي الشعلة التي تُضيء درب الحريّة، تذكّرنا بثمن العدالة وترسّخ معاني التضحية في أعماقنا. لطالما كان موت الأبرياء شهادة على ظلم الطغاة، وقصّة جواد هي واحدة من هذه القصص التي تُنير دروب المقاوم؛ فليس عبثًا أنّ أولئك الذين يُقدّمون أرواحهم في سبيل الحق يعيشون إلى الأبد في قلوب الناس، كنبضٍ يُذكّر بأنّ التحرّر يستحقّ كلّ هذه التضحية.
في ذكرى الشهيد السيّد جواد، نُعاهد السماء والأرض على ألّا تذهب دماء الشهداء هدرًا. نعاهد على أن تبقى ذكرى تضحياتهم لواءً يرفرف في أعلى سماء الحريّة، دليل قوّة وإرادة أمام كلّ طغيان.