في قلب الأحداث الجارفة والتاريخ المليء بالتحوّلات، تظلّ ذكرى حلّ المجلس الوطنيّ في 26 أغسطس/ آب 1975، نقطة فاصلة في الذاكرة الجماعيّة، معبّرة عن مسار التحرّر الذي واجهه الشعب في سبيل الحفاظ على هويّته وحقوقه.
هذا الحدث الذي جاء عقب أربع سنوات من نيلنا الاستقلال في 14 أغسطس/ آب 1971، يعدّ لحظة مفصليّة في مسيرتنا النضاليّة، حيث وضع الشعب وممثّليه في تحدٍ صريح أمام القوى الاستبداديّة.
كان حلّ المجلس الوطنيّ ردة فعل عنيفة من حكّام آل خليفة ضدّ رفض المجلس تمرير قانون أمن الدولة. هذا القانون الذي كان مسوّغًا للحكم بالنار والحديد، يهدف إلى الإحكام الحديدي على الشعب بموافقة ممثّليه، أي الحصول على شرعيّة قمعيّة من خلال هذه الطريقة الملتوية. كان الموقف الذي اتخذه المجلس الوطنيّ شجاعًا وثوريًّا حيث رفض الاستسلام والموافقة على قانون يهدف فقط إلى تكريس الاستبداد والقمع، مؤكّدًا بذلك أنّ الكرامة وحريّة الإنسان فوق كلّ اعتبار.
لقد مرّ خمسون عامًا الآن، ولا يزال ظلّ قانون أمن الدولة يراوح في المكان، رغم تغيّر اسمه وشكله عبر الزمن. مع ذلك، جوهره القمعيّ لم يتغيّر، مانحًا السلطة الوسائل لمواصلة سياساتها الاستبداديّة بشكل أو بآخر. أدركت الأجيال التي شهدت حلّ المجلس، والتي تلتها، أنّ المقاومة ضدّ الاستبداد والظلم سبيل لا ينتهي، لأنّ الحريّة لا تُمنح بل تُنتزع.
إنّ التذكير بهذه الذكرى ليس مجرّد استحضار لحظة تاريخيّة فحسب، بل هو تقييم للدرب الطويل الذي قطعناه، واستلهام للقوّة والإلهام للاستمرار في النضال من أجل العدالة والكرامة الإنسانيّة. إنّه دعوة للشباب ولكلّ من يملك قلبًا حرًّا إلى مواصلة الحراك في ثورتنا المجيدة، معتبرين كلّ يوم فرصة لإحداث الفارق.
ختامًا، تمتدّ ذكرى حلّ المجلس الوطنيّ كشعلة لا تنطفئ، تذكيرًا بأنّ حريّتنا تكتسب بقوّة إرادتنا وصمودنا. وعلى الرغم من المعاناة والتحدّيات، فإنّ الروح الثوريّة لن تهزم، وستظلّ قصّة مجدنا تُروى، موجّهة الأجيال نحو المستقبل الذي نطمح إليه جميعًا: عالم يسوده العدل ويُحترم فيه الإنسان.