في زمن تتعالى فيه أصواتُ الحريّة عاليًا عبر جدران القمع والظلم، كان ثمّة شهداء قدّموا أرواحهم قرابين للحقّ والكرامة، ومن بين هؤلاء «الشهيد ميثم النشيط» الذي استطاع أن يخطّ لنفسه صفحة من نور في تاريخ الثورة.
شاب في السادسة والثلاثين من عمره، من ربوع النعيم، رفع شعلة الوعي والتصدّي للظلم حتى آخر لحظة من حياته التي اختتمت في الخامس عشر من أغسطس/ آب لعام 2012 بمستشفى السلمانيّة.
«ميثم النشيط» اسم عُرف في معترك الحياة بقوّة إرادته وتمسّكه بمبادئ الحريّة والعدالة، ولم تكن رحلته إلى منيّته مجرّد نهاية بل رسالة حياة. كان النشيط قد أمضى سنوات عصيبة خلف القضبان في التسعينيّات، ليجد نفسه لدى خروجه غارقًا في بحر المعاناة من مضاعفات جسديّة لا يمكن وصفها؛ بسبب ما تعرّض له من تعذيب شديد. حالته التي عجز الطبّ في البحرين عن تشخيصها أو معالجتها كانت بالفعل مأساويّة، فقد أدّت إلى شلل نصفيّ وتفاقم في الأعراض حتى أصيب بتخلّع في الدماغ وفقد القدرة على النطق. رحلة معاناة ميثم التي بدأت بالحمى والشلل وانتهت بتلف الدماغ كانت شهادة حيّة على وحشيّة الانتهاكات والتعذيب الذي تعرّض له خلال اعتقاله.
لكن، ورغم كلّ الألم والمعاناة، استطاعت روح «ميثم النشيط» أن تترك وراءها إرثًا يعانق النجوم، إرثًا من القوّة والتفاني، ورسالة للأجيال الجديدة عن أهميّة الثبات على المبادئ والقيم والجهاد من أجل الحقّ والعدالة. روحه الثائرة التي لم تخبُ حتى في أشدّ لحظات عذابه جسديّة تعدّ بمثابة مشعل يضيء درب الحريّة لكلّ من يسعى إلى عالم أكثر عدالة وإنسانيّة.
الشهيد «ميثم النشيط»، برحيله، ترك وصيّة غير مكتوبة لكلّ ثائر وحُرّ، وصيّة تحثّ على مواصلة الطريق مهما كانت التضحيات؛ فروح الجهاد والإصرار على انتزاع الحقوق بقوّة الإرادة والتفاني في العمل تعدّ الركائز الأساسيّة لكلّ جيل جديد يسير على درب الحريّة. قصّته هي شعلة تذكيريّة بأنّ الذاكرة لا ينبغي أن تنسى أولئك الذين قدّموا أغلى ما يمكن تقديمه من أجل مبادئ العدل والكرامة الإنسانيّة.