في سطور الخلود، يُخلّد أسماء شهدائنا كوشاح مشرّف يُزيّن قصّة ترابنا العزيز. قصصهم تنبض بالبطولة والإصرار، وتُغني ترانيم الأمجاد في أروقة الزمن. بين هذه الأسماء، يبرز نجم مُضيء كان رمزًا للثبات والقوّة، الشهيد الكفيف «حسين علي الأمير»، ذلك البطل الذي لم يخشَ ولم يجزع، وجّه بصيرته صوب قبس الحريّة.
حول الشهيد:
«حسين علي الأمير» من مواليد البلاد القديم، بلدة العطاء والأصالة، لم تركله تحدّيات الحياة على الرغم من فقدان بصره، بل انتزع من قلب الظلام نور العزيمة والإصرار. في السادسة والثلاثين من عمره، وفي 13 أغسطس/ آب 2011، خُتمت صفحته الدنيوية في مسقط رأسه «البلاد القديم» لكنّه ترك ببسالته حكاية راسخة في ذاكرة التاريخ.
الاستشهاد:
بناءً على إفادة زوجة الشهيد حسين، فإنّ استشهاده كان في ظلّ ظروف أليمة ولكن بشجاعة استثنائيّة؛ ففي الأيام العصيبة التي اتسمت بالاعتقالات العشوائيّة واستهداف الكوادر الفاعلة في المجتمع، نُودي عليه ليُقدم على مذبح الحريّة. في مركز شرطة النعيم، وقع حسين ضحيّة للتعذيب المروع والإهانات التي لم تميّز بين قوي وضعيف، ولم ترحم إعاقته. وعلى الرغم من أنّه عانق الحريّة لاحقًا، فإنّ الأذى الذي لحق به كان كافيًا ليسلب منه الحياة، شاهدًا على وحشيّة منتهكي حقوق الإنسان.
استلهام قوّة الشهيد:
يا أرواحًا حرّة تُشعُ من خلف الغمام، لقد تعلّمنا من الشهيد «حسين علي الأمير» دروسًا في الصمود والتحدّي. لم تكُن إعاقته جدارًا أمام عزيمته، بل كانت محرّكًا لروحه الثوريّة التي سطّرت بأحرف من نور دربًا للكرامة، وكأنّه يقول بصمته الصاخب: «في قلب كلّ كفيف ضوء لا يُخبِئه جفن اليأس». منه نستلهم الشجاعة لنتخطّى الصعاب ونعتلي منصات التحدّي، ومن دمه الطاهر نسقي عزائمنا لتغدو قلاعًا منيعة في وجه الظلم والطغيان، مؤكّدين أنّ لكلّ شهيد قضيّة، ولكلّ قضية آمال تتجدّد بكهان الحريّة. وإلى أن تتحقق العدالة، سيظلّ اسم «حسين علي الأمير» مشعلًا يضيء نفق المقاومة، ويدفئ قلوبنا بالصبر والأمل.