في عمق الصمود واستمراريّة روح الثورة، نبقى نحتفظ بذكرى الشهداء كرموز لا تبلى وقصص بطوليّة تلهم الأجيال وتحرّك الضمائر.
اليوم، نتوقّف عند محطة استشهاد «الشهيد علي جعفر حبيب إبراهيم»، طفل لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره، لكنّه أصبح رمزًا للتضحية والشجاعة، تلك الروح الثائرة التي خرجت من بين أحضان المالكيّة لتلقي بظلالها على دروب الحريّة حتى بعد استشهادها.
«علي جعفر» الطفل الذي كان يلعب ويدرس ويعيش حياة طبيعيّة كأيّ طفل في عمره، لكن هذا الروتين البريء تحطّم تحت وطأة القمع والاستبداد. وُلِد عليّ وترعرع في منطقة المالكيّة، تلك الأرض التي شهدت إحدى أشجع التظاهرات الشعبيّة ضدّ ظلم آل خليفة واستبدادهم، وفي غمار هذا الصراع، بتاريخ 7 أغسطس/ آب 2013، دفع علي حياته ثمنًا لأحلامه وأحلام جيله.
إنّ قصّة استشهاده محفورة بأحرف من ألم ودموع؛ ففي أكتوبر من العام 2012، بدأت تظهر على هذا الطفل التأثيرات المأساويّة للعنف المفرط، حيث عانى من إصابات في العين أدّت إلى تدهور حالته الصحيّة بشكل كبير. تعرّضت المنطقة التي كان يعيش فيها لحملة قمع واسعة، حيث استخدم المرتزقة الغازات السامة في محاولة لخنق الاحتجاجات، ورغم براءته وصغر سنّه، تنفّس علي هذا السمّ القاتل حتى أصيب بالسرطان في العين. قصّة كفاحه ضدّ المرض وبحثه عن العلاج انتقلت به إلى الهند، حيث خضع لعلاج مكثّف، لكنّ مشيئة القدر كانت أسرع، وفارق الحياة بعيدًا عن تراب وطنه.
أمّا حقّ القصاص من قتلته، فلن يتوارى في زحمة الحقائق المتجاهلة والمطالبات المنسيّة، فدماء الشهيد «علي جعفر» تنادي بصوت لا يلين على الملأ، تطالب بعدالة لن تسكت وحقّ لن يغيب.
الشهيد علي لم يكن فقط طفلًا قُتلت براءته، بل شعلة أضاءت درب الحريّة، وستبقى تلك الأنفاس التي اختنقت بالغاز السام جرس إنذار لكلّ زمان ومكان، تذكيرًا بأنّه لا توجد قوة في العالم تستطيع إطفاء جذوة الإيمان بالحريّة والكرامة.
نادوا بالثأر، ليس بأساليب الانتقام، بل بإصرار لا ينضب على تحقيق العدل وإنهاء الظلم، لتظلّ قصّة الشهيد علي، وكلّ شهيد، بوصلة توجه الطريق نحو مستقبل تسوده العدالة وتحكمه مبادئ حقوق الإنسان.