1- يرفعُ الحراكُ الشّعبيّ الأخير عناوينَ أساسيّة تتعلّق بملف السّجناء السّياسيّين، وهذا الملف سيظلّ واحدًا من العقبات الأساسيّة في وجه الكيان الخليفيّ وأهدافه الخبيثة، وما جرى أخيرًا من انتفاضاتٍ وتحرّكات احتجاجيّة داخل السّجن أعطى إجابةً واضحة وحاسمة عن كلّ المخطّط الخليفيّ العريض الرّامي لاختطاف ملفّ السّجناء وتذويبه تدريجيًّا، ووفق الشّروط الأمنيّة للنّظام. إنّ ثورة السّجون سجّلت انتصارًا عمليًّا لمعنى الحريّةِ الكاملة وغير المشروطة، وهي بذلك قدّمت ردًّا على مشاريع تقييد الحريّةِ التي يساوم بها النّظامُ وحلفاؤه، واستطاعت هذه الثّورة أن تحافظ على عنصر القوّة والزّخم والاستمراريّة في ثورة 14 فبراير، وأنْ توفّر الوهج الثّوري في الشّوارع والسّاحات، وقبل ذلك وبعده فإنّ الإمدادَ الكبير الذي يوفّره قادةُ الثّورة الرّهائن – وبصبرهم الأسطوريّ – يمثّل اللّؤلؤة المشّعة في تاج حركة الكرامة التي يقودها السّجناءُ الأحرار بكلِّ وعيّ وإرادةٍ وبصيرة.
2- يتركّز الحراكُ الشّعبيّ الجديد على ثلاثيّة ثابتة ومترابطة: الأمر الأوّل: الرّبط والتّرابط مع حراك السّجناء الأحرار ومطالبهم الحقّة، فحراكُ المواطنين والأهالي يدور مدار ثورة السّجون ومطالبها. الثّاني: الوعي بطبيعة النّظام الخليفيّ، فبعد خبرة طويلة مع أساليبه الخبيثة؛ فإنّ هناك حرصًا شعبيًّا على الجمْع بين قوّة الحراك وثباته من جهة وتفويت الفرصة أمام النّظام لتحريك القمع الواسع وتسميم الحراك بفتن جانبيّة أو ملفّات هامشيّة من جهة ثانية. أمّا الأمر الثّالث فهو الإيمان بأحقّيةِ الخلاص من النّظام الاستبداديّ الفاسد الذي لم تعد له أيّ شرعيّة، فهو سببُ كلّ الأزمات والكوارث التي تغرقُ فيها البلاد.
3- عودة الاعتقالات وحملات الاستدعاء من قِبل الأجهزة الأمنيّة إنّما هي محاولة لترهيب الحراك والأهالي، وهذه السّياسة تنمّ عن دناءة النّظام الخليفيّ وسقوطه الأخلاقيّ، كما تكشف خواء الزّيارات التي تقوم بها بعضُ الجهات الحقوقيّة الأمميّة، إضافة إلى تواطؤ بعض هذه الجهات والمؤسّسات وارتهانها للشروط الرسميّة. وتفضح حملات الاعتقال والاستدعاء ما ادّعاه الطّاغية حمد وكيانه الإرهابيّ أثناء دفعات الإفراج السّابقة، ويُثبت مرّة أخرى أنّ تلك الإفراجات تمّت تحت تأثير الضّغوط المفروضة على هذا الكيان، وعدم قدرته على تحمُّل عبء الاحتجاجات داخل السّجون، وهو ما يعني أنّ الكيان الخليفيّ سيتجرّع شرّ أفعاله مجدّدًا، وسيزيد تورّطه وفشله الذّريع، وسيكون الشّعب أمام منعطفٍ جديد من الانتصار المحتّم بإذن الله تعالى.
4- إنّ الكيانَ الخليفيّ يعوّل على اشتداد الوضع الإقليميّ وإقدام الكيان الصّهيونيّ وحلفه الشّرير على توسيع عدوانه على المنطقة، وخصوصًا بعد التّهديدات الجوفاء الأخيرة للمقاومة الشّجاعة في لبنان. ولكن المراهنة على توحّش الصهاينة والأمريكيّين لن يكون لها أيّ فائدة أو نتيجة، بل ستنقلب على آل خليفة بالعواقب الوخيمة والمذلّة. فشعبنا في البحرين لن يساوم على حقّه المحلّي في الحريّة والتحرُّر، وهو كذلك ليس في واردِ التّنازل عن نصرته لشعب فلسطين ومقاومة غزّة ولكلّ المحور الشّريف الذي يواجه المشروع الصّهيونيّ- الأمريكيّ، بل إنّ توسُّع العدوان على منطقتنا وشعوبنا سيزيد شعبنا قوّة وعنفوانًا في معركته الدّاخليّة، وسينعكسُ بالتّوازي مزيدًا من الاحتجاج الشّعبيّ والثّوريّ الذي يجمع بين فلسطين والبحرين، وعدم التّفرقة بين الكيانات العميلة والكيان الصّهيونيّ وضرورة إسقاطها جميعًا.
5- انطلاقًا من النّقطة السّابقة؛ فإنّ شعبنا العزيز في البحرين ثابتٌ في خيار مواجهةِ مشروع التّطبيع والخيانة، وهو يُدرك أنّ وجود الكيان الخليفيّ في قلب هذا المشروع الخيانيّ يحمّله واجباتٍ مضاعفة على صعيد تصدُّر خطوط الاحتجاج الشّعبيّ ضدّ التّطبيع ورفْض القواعد الأجنبيّة وأوكار التجسّس والعلاقات الصّهيونيّة، وهذا الأمر محلّ اعتبار واهتمام القوى الوطنيّة في البحرين بكلّ أطيافها، حيث يصرّ الجميع على استحضار قضيّة فلسطين وخيار المقاومة في الفعاليّات المتواصلة على مدار الأسبوع، وأنّ السّعي الجازم لدى القوى هو تعميقُ الجدار بين الشّعب والكيان الخليفيّ، وتثبيت أنّهما متفاصلان ومتعاكسان في الخيارات الوطنيّة والقوميّة على حدّ سواء. إنّنا نرى أنّ هذا الموقف الشّعبيّ سيحمي شعبنا وحراكه الوطنيّ الديمقراطيّ من أيّ مفاعيل للتّصعيد العدوانيّ الذي يهدّد به الصّهاينة واحتمال توظيف عملائهم له لصالح تكريس استبدادهم وإجرامهم، ولذلك فإنّنا واثقون بأنّ المقاومة الشّجاعة التي ستهزم العدوانَ الصّهيونيّ هي ذاتها التي ستوسّع لشعوبنا الطّريقَ نحو حرّيتها وتحرّرها من أنظمة العمالة والطغيان.
المجلس السّياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير