يعيش الأبطال في قلوبنا، وفي تراب أرضنا يسطّر التاريخ قصص الجهاد والفداء، لتظلّ الذكريات مشاعل نور تضيء درب الحريّة والكفاح. في هذه المساحة من الكلم، نحتفي بروح «الشهيد قاسم محسن علي عبد الله المغني»، الذي قُدِّر له أن يكتب نهاية حياته الدنيويّة في العكر، باسم عالٍ وصفحة مضيئة في سجلّ الشرف والعزّة.
ولد قاسم في محيط تتنسم فيه رائحة التحدّي والإصرار، ويوم الأربعاء الموافق 15 يوليو/ تموز 2015، لمعت السماء بنجم آخر وأضاءت الأرض بروح جديدة طاهرة؛ حين استقبلت روحه الطاهرة صباحه الأخير على هذه الدنيا، لحظة كان الفجر ينفث فيها سكونه العميق. وقع انفجار في ساعة مبكرة، وفي غمضة عين تحوّلت ثانية من الحياة إلى لحظة استشهاد، حيث انهالت عليه شظايا أقداره بجروح عميقة، أودت بحياته على الفور، مقدّمًا نفسه قربانًا لأرضه ومبادئه الثوريّة.
لكن، ما قصّة الروح العالية للشهيد قاسم المغني؟ إنّها قصّة العزيمة التي لا تلين، والإرادة التي لا تنكسر. قصة شاب في عمر الزهور، 18 ربيعًا فقط، عندما آثر أن تكون حياته جسرًا للحريّة والكرامة. لطالما كان قاسم نموذجًا للروح العالية التي كانت ترى الحياة نضالًا دائمًا وجهادًا مستمرًّا، حيث الاستعداد للتضحية بالذات ليس إلّا جزءًا من الوفاء للأرض والقضيّة. إنّ المغني لم يرَ في التضحية بحياته ثمنًا كبيرًا، بل رأى فيها أعلى درجات الشرف والفداء من أجل حماية الأرض واستمرار الثورة.
هذه هي روح «قاسم محسن المغني» التي لا تزال تحلّق عاليًا فوق أرض العكر وفوق كلّ شبر من أرض الوطن، ملهمة كلّ الأجيال بأنّ الحياة لونها الحقيقي هو الإصرار والتضحية، وليبقَ الشهيد قاسم المغني رمزًا للبطولة والفداء، وشعلة لا تنطفئ في بحر الثورة المتلاطم.