في غمار الثورات والأحداث المتلاطمة، برزت شخصيّة «الشهيد حسين محمد حبيب آل يحيى» كمنارة توجّه أنظار الناس نحو الحريّة والعدالة.
في رحلته البطوليّة، استشهد حسين، تاركًا وراءه إرثًا غير قابل للنسيان في قلوب شعبه، ومشعلًا فيهم روح السعي نحو حياة أفضل. في الخامس من يوليو/ تموز عام 2017م، ارتقت روحه الطاهرة إلى العلا، شاهدًا على عهد مليء بالقسوة والظلم، لكنّه برحيله خلّد قصة فداء وبطولة تتسامى فوق الآلام وتعانق السماء بكلّ عزّة وفخار.
اعتقال الشهيد حسين في مارس/ آذار من العام 2011، كان نقطة تحوّل في مسار حياته؛ ففي رحلته مع رفيق دربه الشهيد منصور كانت نقاط التفتيش قريبة من قرية بوري شاهدة على بداية معاناة ستخطّ في تاريخ النضال بحروف من دم وألم. في مركز شرطة الرفاع، تعرّض لمسلسل من التحقيقات والتعذيب لم يفرّق بين شاب وكهل، بين قوي وضعيف، إلّا بمقدار ما يُمكن أن يستخلص منهم من إيمان بالقضيّة وصلابة في الموقف. وعلى الرغم من الإفراج عنه لاحقًا فإنّ الأثر الذي تركه الاعتقال والتعذيب كان كافيًا للإعلان عن شهيد جديد سيُضاف إلى قائمة الخالدين، إذ أثرت هذه التجربة القاسية على صحّته بشكل جعله يعاني من مرض مزمن أدّى إلى استشهاده لاحقًا.
إنّ ذكرى الشهيد حسين تذكّرنا بأنّ الاستشهاد هو أغلى ما يملكُ الإنسان، هو تلك البطاقة التي بإمكانها أن تحمل معاني العزّة والكرامة والحريّة إلى أبعد الحدود. عبر دماء الشهيد حسين ورفاقه، نقف اليوم محتفين بكلّ ذرّة تراب صُبغت بالقرمزي دفاعًا عن الوطن.. عن العقيدة والهويّة.
يُذكرنا استشهادهم أنّ الخلود ليس بالعيش إلى الأبد بل بزرع بذور تنبت في كلّ زمان ومكان فكرة تتمرّد على الظالم، وروحًا تعي أنّ حريّتها قد تُكتب فقط بتضحيات الأبرار. إنّ ذكراهم تبقى تشعل فينا الأمل وتغذّي في أرواحنا لهيب الثورة، وتجعل من كلّ يوم فرصة للوقوف بوجه الظلم مهما عظمت التضحيات.