تبرز قصص الأبطال في الظلام الدامس، وتحت سماء كئيبة تتخلّلها غيوم الاستبداد والظلم، كنجوم تضيء مسارات الحريّة، شُعلًا تهدي السائرين إلى درب الكفاح.
في هذا الإطار، يبرز اسم الشهيد «مجيد أحمد عبد العال- 30 عامًا»، ابن السهلة الشماليّة، الذي استشهد في 30 يونيو/ حزيران 2011، بعد أن سقط شهيدًا دفاعًا عن حريّة أمّته وكرامتها، حيث روى بدمائه الطاهرة تراب الوطن، ليخلّد اسمه بين الأبطال والنبلاء الذين قدّموا الغالي والنفيس من أجل تحرير شعبهم.
لم يكن مساء يوم الأحد الموافق 13 مارس/ آذار 2011م مساءً كبقيّة المساءات في حياة مجيد، إذ تحوّلت لحظات الإيمان بالحقّ والدفاع عنه إلى لحظات مصيريّة عندما تعرّض لهجوم غادر ومباغت؛ فبينما كان يغادر محلّ بيع المواد الغذائيّة أقبلت عليه مجموعة من المليشيات المسلّحة، أدوات النظام الغاشم، وأطلقت من سلاح الشوزن الذي يحملونه طلقة نارية مباشرة غدرت بأمن المساء وسكينة الحي. ألم الطلقة كان مجرّد بداية لرحلة من العذاب، فقد استقرّت شظايا الخيانة في الجانب الأيمن من رأس الشهيد مجيد، مخلّفة إصابات بالغة نقل على إثرها إلى مجمع السلمانيّة الطبّي.
بعد الجراحة التي خضع لها مجيد، اكتنف الغموض مصيره، فقد وقعت العائلة تحت وطأة القلق مع هجوم ما يسمّى بـ«قوّات درع الجزيرة» على الثائرين الأحرار والمرافق الطبيّة؛ منعوهم من الوصول إليه وحرموهم كلّ أمل في لقائه، حتى جاء اليوم المشؤوم الذي تلقّت فيه هذه العائلة النبأ الأليم، ليتلاشى بعدها كلّ ذرّة أمل، إذ علمت أنّ الشهيد مجيد قد نُقل سرًّا إلى المستشفى العسكري، حيث أسلم الروح وفارق الحياة بعيدًا عن أحضان أحبابه.
واليوم، نصرخ بأعلى أصواتنا مطالبين بالقصاص العادل من قتلة الشهيد! فلا يمكن للدم الزكي أن يذهب هدرًا، ولا يمكن للحقّ أن يغيب، ولا للعدل أن يتوارى خلف ستائر الظلم. القصاص لمجيد ولكلّ شهيد ارتقى دفاعًا عن حريّة وطنه، هو دَين في أعناقنا، عهد تجدّدت به الأماني والعزائم. سيظلّ دم مجيد ورفاقه ينير طريق النضال، ويحثّ الخطى نحو مستقبلٍ يسوده العدل، وتزهر فيه الكرامة لكلّ أبناء الوطن.