أكَّد الأمين العام لحزب الله «سماحة السيّد حسن نصر الله» أنَّ المقاومة في لبنان ستواصل تضامنها مع غزّة وإسنادها لها، وستكون جاهزة لكلّ الاحتمالات ولن تتوقف عن أداء واجبها، لافتًا إلى أنّ العدو يعلم أنّ عليه أن ينتظر المقاومة برًا وبحرًا وجوًا وإذا فُرضت الحرب على لبنان فإنّ المقاومة ستقاتل بلا ضوابط وبلا قواعد وبلا أسقف.
وفي كلمة له خلال الاحتفال التأبينيّ الذي أقامه حزب الله تكريمًا للشهيد القائد طالب عبد الله «أبي طالب» يوم الأربعاء 19 يونيو/ حزيران 2024 أشاد سماحته بموقف عوائل الشهداء من ناحية الاحتساب والرضا وإعلان العزم والتصميم لمواصلة التضحيات، موضحًا أنّ الشهادة في الفهم الإسلامي اجتباءٌ من الله وفوزٌ عظيم وانتصارٌ حاسم بالنسبة لكل فردٍ ينالها.
وعن الشهيد أبي طالب قال السيّد نصر الله إنّه التحق بصفوف المقاومة من عمر الـ15 عامًا، وكان كغيره من القادة مجاهدًا عاديًا وبدأ يتقدّم بشدّة وتقلّد مناصب عدّة وهو في مقتبل العمر، ولفت إلى أنّه كان ضمن مجموعة من كوادر حزب الله الذين دافعوا عن أهالي البوسنة السُنّة والذين مكثوا هناك لسنوات، كما كان معروفًا بتديّنه وإيمانه وخلقه والعشرة الحسنة والتواضع، وكان كثير التفكير بآخرته ويعمل لها.
وبيّن سماحته أنّ الشهيد أبا طالب كان معروفًا بُحسن الإدارة، وكان ذا كفاءة عالية وقد جمع العلم والعمل والتجربة والخبرة، كما كان صاحب معنويات عالية حتّى في أوقات الشدّة، وكان يستصغر الصعاب مهما كَبُرت ولا يستسلم أمامها، موضحًا أنه كان بحقّ رجل الميدان والخطوط الأمامية حتّى الشهادة.
وعن جبهة لبنان المساندة لغزّة أكّد سماحته أنّها تواصل عمليّاتها وتُلحق الخسائر البشريّة والماديّة والمعنويّة والنفسيّة بالعدو، مشيرًا إلى أنَّ من أوضح الأدلّة على قوة تأثيرها الصراخ الذي يُسمع من قادة العدوّ ومستوطنيه، مؤكدًا أنه لو كان ما يحصل في جبهة الجنوب من دون تأثير لما سُمع صراخهم وعويلهم.
وأوضح السيّد نصر الله أنّه منذ بداية المعركة في جبهة لبنان لإسناد غزّة عملت ماكينة إعلاميّة ضخمة على تبخيس إنجازات الجبهة الجنوبيّة وجبهات الإسناد وتضحياتها، لافتًا إلى أنّه بحسب قادة العدوّ، فقد أشغلت جبهة لبنان أكثر من 100 ألف جنديّ في قوات العدوّ وعدّة فرق ولولاها لكانت قد توفّرت القوّات الكافية لهزيمة غزّة، فجبهة لبنان حجبت قوّات العدوّ عن المشاركة في غزّة وجزء منها قوات نخبة لأن هناك خوف لدى العدوّ من دخول المقاومة إلى الجليل، الأمر الذي يبقى مطروحًا في حال تطوّر المواجهة.
وأضاف سماحته إلى أنّ الاحتلال يخفي خسائره في جبهة الشمال كي لا يتعرّض لمزيد من الضغوط، وأوضح أنّ جبهة لبنان إلى جانب استنزاف العدوّ هجّرت عشرات الآلاف من المستوطنين إضافة إلى خسائر اقتصادية وسياحية حتّى بات هناك للمرة الأولى حزام أمني شمال فلسطين المحتلة، مؤكدًا أن صورة العدوّ عسكريًّا وأمنيًّا وردعيًا انهارت، ويبدو جيشه مهزومًا منهارًا تعبًا ومنهكًا.
كذلك تطرّق السيّد نصر الله إلى ما يحصل في اليمن وما يقوم به اليمنيّون بإفشال الأمريكيّين والبريطانييّن في منع مجاهديهم من حماية السُفن المُتجهة إلى الكيان، مؤكدًا أنّ هذا فشل استراتيجيّ لأكبر أسطولين في العالم تكفّلا بجلهة اليمن بسبب بسبب عدم قدرة العدوّ على المواجهة في جبهات متعددة.
وعن المواجهات التي يخوضها المقاومون في غزّة ورفح، قال سماحته: «القتال في غزّة أسطوريّ والخسائر التي لحقت بالعدوّ كبيرة. ورغم وجود عدّة فرق من جيش الاحتلال هناك، ورغم القصف فقد عجز عن إنهاء معركة رفح المُحاصرة وفشل أمام صمود المقاومة، وهو يزعم قضاءه على 20 كتيبة من حركة حماس وأنّه لم يتبقّ سوى 4 كتائب في رفح يعمل للقضاء عليها، وهذا كذبٌ يُظهر هشاشة العدوّ الذي يلهث لتقديم نصر وهمي لمستوطنيه».
وأكّد سماحته أنّ جيش العدوّ خرج، وأنّ المقاومة الفلسطينيّة استعادت عافيتها في كامل القطاع ما أطاح برواية نتنياهو، وهناك خسائر هائلة لحقت بكيان العدوّ بشريًّا واستراتيجيًّا، ولن يستطيع إخفاء الأمر في نهاية المطاف فهناك 8636 معوّقًا وفق إحصاءات رسمية، فكم عدد القتلى والجرحى؟، وفق تعبيره.
وعن مجريات المعركة في الجنوب أوضح السيّد نصر الله أنّه لا يوجد حدود عليها تقنيات إلكترونيّة وفنيّة كالتي على حدود لبنان وغزّة، ولذلك خلال 4 أشهر عملت المقاومة في لبنان على إعماء العدوّ وإغلاق آذانه وبات بمقدورها ضرب قاعدة «ميرون» ساعة تشاء، مشيرًا إلى أنّ حزب الله قاتل بجزء من سلاحه حتّى الآن وحصل على أسلحة جديدة ستظهر في الميدان وطوّر أسلحته واستخدم أسلحة جديدة في هذه المعركة، ولديه عدد كبير وفير من المُسيّرات لأنّه يصنعها، ولديه القدرة البشريّة الكافية والمتحفّزة، قائلًا «نحن نعاني مع الإخوان الذين يريدون الالتحاق بالجبهات ونحن نمنعهم وفقًا لما تحتاجه الجبهة».
هذا، وتطرّق سماحته إلى التهديد الصهيوني بالحرب الشاملة على لبنان، وقال «التهديد بالحرب على مدى 8 أشهر لا يخيفنا، وهناك أناسٌ يقيّمون هذا الاحتمال على أنّه جدّي. نحن كمقاومة حضّرنا أنفسنا لأسوأ الأيّام والعدو يعلم ما ينتظره، ولذلك بقي مرتدعًا».
وأضاف سماحته «إنّ العدوّ يعلم أنّه لن يبقى مكانًا في الكيان سالمًا من صواريخنا ومُسيّراتنا وليس عشوائيًا، ولدينا بنك أهداف حقيقي وكبير، ولدينا القدرة على الوصول لهذه الأهداف بما يزعزع أُسس الكيان، وهو يعرف أيضًا أنّ ما ينتظره في البحر المتوسط كبير جدًا، وكلّ سواحله وبواخره وسفنه ستُستهدف، كما يعلم أنّه ليس قادرًا على الدفاع عن كيانه والدليل عملية الوعد الصادق التي نفذتها الجمهورية الإسلامية في إيران، ورغم الدعم الدولي وصلت الصواريخ والمسيرات إلى الكيان، فكيف إذا كانت المعركة معنا على بُعد كيلومترات؟».