قراءة في الأسباب الموضوعية لتوقعات الإفراج عن السجناء
مقال بقلم معتقل الرأي سماحة «الشيخ حسين القافود»
ذكرنا فيما سبق أنّ النظام عمليًّا لديه ثلاث فرضيّات أساسيّة للتعاطي مع ملفّ «السجناء»، ويخلص منها عدّة سيناريوهات، وهنا لا بدّ من التنويه إلى أنّ «أهالي السجناء» وكثير من المتابعين والمختصين يرون الآتي:
1- أنّ الإفراج عن أشخاص محدودين كما في الأعياد الماضية هو قرار غير كافٍ لإنهاء هذا الملفّ، الذي لن يُغلق إلّا بمعيّة جميع الأسرى.
2- أنّ الخطوة القادمة يجب أن تكون على غرار ما جرى في العيد الماضي، وإن كانت مجموعة مُعتَدًا بها كمًّا لكن يجب أن تطال قائمة المفرج عنهم أسماء بعض الرموز والمحكوم عليهم بالإعدام.
في الإجابة عن سؤالنا الأساسي وهو: «هل سيفرج عن السجناء في عيد الأضحى القادم؟»، عندما نقول: «لا» فنحن نقصد أنّه سيفرج عن عدد محدود أو بسيط، أو أنّه لن يفرج عن أحد، وإذا قلنا «نعم»، فذلك إشارة إلى أنّه سيفرج عن دفعة كما في العيد السابق -في أقلّ تصوّر- وعلى أفضل الفرضيّات ستكون الدفعة أكثر من سابقتها، وواقعًا فنحن حين الإجابة عن هذا السؤال لدينا فرضيّتان لا ثالثة لهما: إمّا «نعم» أو «لا» -بالمعنى الذي أشرنا إليه سلفًا- ، والإجابة عن هذا السؤال هي إجابة أيضًا عن السؤال الآخر الذي يتعلّق بتوقّعنا عن طريقة تعاطي النظام مع ملفّ «السجناء» في المرحلة القادمة، وهذا ما سوف نتناوله في المقالات القادمة .
وجهة النظر الأولى؛ «نعم»:
في الجواب عن سؤالنا، هناك الكثير ممن يتبنّى خيار «نعم» للإجابة عن سؤال مقالنا هذا، حيث إنّ وجهة نظرهم تقول إنّ النظام سيفرج عن السجناء – بالمعنى المشار إليه – ويمكن أخذ هذه الإجابة بالحسبان لأسباب عدّة، إذ إنّ النظام ولأجل ذلك سيتّخذ خطوة الإفراج عن السجناء، وبناء على فكرة «ربح أكبر بخسائر وضرر أقلّ»، ومن جملة هذه الأسباب:
1- التغييرات الإقليميّة: حيث بروز محور المقاومة بقيادة الجمهوريّة الإسلاميّة وصعوده، وخصوصًا بعد معركة «طوفان الأقصى»، وضربة «الوعد الصادق»، وتراجع محور الشرّ «الصهيو-أمريكيّ» وهزيمته، وغرق «الكيان الصهيونيّ» في رمال غزّة، وهو ما خلق معادلات جديدة في المنطقة تقتضي التكيّف معها إن أراد النظام البقاء على سدّة الحكم، وبداية التكيّف تكمن في تهدئة الأوضاع مع هذا المحور وبالتحديد «إيران»، عبر ضبط إيقاع العلاقة مع المعارضة، وإرجاع الحياة السياسيّة والإفراج عن السجناء السياسيّين.
٢ – السعي إلى إعادة العلاقات البحرينيّة – الإيرانيّة: تطبيع العلاقات مع الجمهوريّة الإسلاميّة وإحياؤها مشروط بالإفراج عن السجناء السياسيّين، وحلحلة الوضع في البلد مع المعارضة، وهذا ما نشرته صحف وتقارير إيرانيّة حول اشتراط «إیران» ذلك، والإفراجات ما هي إلّا مقدّمة لإعادة الحياة السياسيّة، وتستتبعها الخطوة الأهمّ للسلطة المتمثّلة في إرجاع العلاقات مع إيران.
٣ – تطبيل جديد لقمّة السلام الدوليّة في البحرين: فإذا كان النظام يريد إقامة قمّة سلام دوليّة فلا أقلّ أن يبادر إلى تهدئة الأوضاع الداخليّة، والافراج عن السجناء ومحاولة تصفير مشاكله مع المعارضة وإنهاء ملفّاته السود، وعلى رأسها ملفّه الحقوقيّ سيّئ الصيت- خصوصًا فيما يتعلّق بوضع السجناء- لكي يكون على مستوى لائق -ولو ظاهريًّا – لاستضافة القمّة، ويستثمر ذلك كـ«بروبغاندا» إعلاميّة تعطيه مصداقيّة وأهليّة لاستضافة مثل هذه الفعاليّات الدوليّة.
4- تعزيز صورة الإصلاح والتغيير:
فالإفراج عن السجناء يمنح النظام صورة إعلاميّة ومادة دسمة لمراكز العلاقات الدوليّة التي استأجرها، وذلك لتلميع صورته من جهة، ومن جهة أخرى يستطيع الحصول على المزيد من التقارير الحقوقيّة والدبلوماسيّة التي تصب في هذا المنحى.