تبرز في فجر الأيّام التي رُسمت على صفحات التاريخ الحديث، قصصٌ ملهمة لأبطالٍ اختاروا الوقوف بوجه الظلم والتعدّي، مدافعين عن مبادئهم وكرامتهم بكلّ شجاعة.
ومن بين هذه القصص، يسطع نور قصّة «شهداء الدراز» الذين وقفوا صفًّا واحدًا في دفاعهم المقدّس عن مقام آية الله الشيخ عيسى قاسم ومنزله، في معركة يشعّ منها الإباء والمقاومة.
الشهداء الذين سطّروا بأرواحهم فصلًا مشرقًا في هذه القصّة هم: «الشهيد محمد كاظم زين الدين، والشهيد محمد علي إبراهيم أحمد الساري، والشهيد محمد أحمد حمدان، والشهيد أحمد جميل أحمد العصفور، والشهيد محمد عبد الكريم العكري»؛ قصّتهم بدأت في اللحظة التي قرّروا فيها الاعتصام لحماية مقام الشيخ عيسى قاسم ومنزله، رافضين أيّ تعدٍّ أو مساس بكرامة شخصيّاتهم ورموزهم الدينيّة.
أرض الدراز شهدت اعتصامًا سلميًّا، حيث رفع الأحرار صوتهم مطالبين بحفظ حقوقهم وحماية مناراتهم الروحيّة. ولكنّ تلك المطالبات تحوّلت إلى مواجهة حاسمة، حين حاولت القوّات الخليفيّة فضّ الاعتصام بالقوّة، ما أسفر عن استشهاد هؤلاء الأبطال الذين ضحّوا بأرواحهم دفاعًا عن معتقداتهم وحمايةً لمرجعيّتهم.
مكان الحادثة تحوّل إلى رمز لمقاومة الظلم والدفاع المقدّس عن الحقّ، فقد أصبح مزارًا يقصده الأحرار من شتّى الأرجاء، تكريمًا لذكرى الشهداء وتقديرًا لتضحيتهم العظيمة.
قصّة «شهداء الفداء» هي في الحقيقة قصّة صراعٍ بين الإرادة الحرّة وقوى القمع، بين الدفاع المقدّس عن الكرامة ومحاولة الإذلال. إنّها قصةٌ تتناقلها الأجيال، تعلّمهم معنى الفداء والثبات ضدّ كلّ أشكال الظلم، مهما كانت الظروف.
شكّلت معركة الدفاع المقدّس عن مقام الشيخ عيسى قاسم مثالًا للتضحية في سبيل القيم والمبادئ العليا. وتظلّ قصّة «شهداء الفداء» توقد في القلوب نار الحريّة والعدالة، مذكّرة كلّ من يسعى إلى عالمٍ أفضل بأنّ الطريق إلى الحقّ نادرًا ما يكون معبّدًا، لكنّه يبقى المسار الوحيد نحو الكرامة والعزّة.
فلتُكتب هذه الحكاية دليلًا وعبرة لمن يؤمن بالحقّ والعدالة. إنّ روح «شهداء الفداء» تبقى خالدة، مشعةً بالأمل والإيمان بقضيّة أكبر، شهداء اختاروا الدفاع المقدّس ومواجهة الموت من أجل الحياة في عزّة وكرامة.