أكّد القياديّ في حركة حماس «أسامة حمدان» مساء يوم الثلاثاء 7 مايو/ أيّار 2024 أنّ نتنياهو وأركان حكومته المتطرّفة لم يحقّقوا أيًّا من أهدافهم العدوانيّة، على الرّغم من حجم المجازر والإبادة الجماعيّة والتهجير وتدمير كل مقوّمات الحياة الإنسانيّة، والتي استخدم فيها الاحتلال النازي، على مدار أكثر من سبعة أشهر، كلّ أنواع القوَّة العسكرية المفرطة، بدعم أمريكي مفتوح ومتواصل.
وقال خلال مؤتمر صحفي في العاصمة اللبنانيّة بيروت يوم الثلاثاء 7 مايو/ أيّار 2024 إنَّ موافقة الحركة على مقترح الوسطاء في مصر وقطر، هو نتيجة لمفاوضات طويلة وصعبة ومعقّدة ومتواصلة طيلة الأسابيع والأشهر الماضية، وقد عُرِضت خلالها مقترحات عديدة، لم تكن تلبي شروط المقاومة، ولا مطالب الشعب الفلسطينيّ الوطنيّة، وقد تمسكت المقاومة بهذه المطالب وأبدت المرونة حيث لزم ذلك، مشيرًا إلى أنّ هذه الموافقة تأتي انطلاقًا من مسؤوليّة الحركة أمام الشعب في قطاع غزَّة، ومن حرصها العميق على مصالحه وحقوقه وثوابته وتضحيَاته، وتجاوبًا إيجابيًّا مع دور الوسطاء في إنجاز هذا الاتفاق.
وشدّد حمدان على أنّ الحركة في جميع مراحل هذه المفاوضات كانت إيجابيّة ومسؤولة، وحاولت تذليل كلّ العقبات التي كانت تحُول أمام الوصول إلى صيغةٍ مُرضية، وتحفظ في الوقت ذاته حقوق الشعب الفلسطيني، وتضمن وقفًا كاملًا للعدوان، وانسحابًا من جميع مناطق قطاع غزّة، وعودةً غيرَ مشروطةٍ للنازحين إلى بيوتهم ومناطقهم، وتفرض إعادة الإعمار وإغاثة الأهالي، وصولًا إلى صفقة جدّية لتبادل الأسرى.
ولفت إلى أنّ هذا الاتفاق في بنوده وشروطه ومراحله قد أمَّن القضايا الرَّئيسة لمطالب الشعب والمقاومة في وقف العدوان بشكل دائم، وانسحاب الاحتلال من كامل قطاع غزّة، وعودة النازحين بحريّة، والإغاثة وإعادة الإعمار وإنهاء الحصار، وإنجاز صفقة تبادل حقيقية وجادة، مشدّدًا على أنّه حقق الترابطَ في تنفيذ مراحله الثلاث بشكل متواصل، وَقَطَعَ الطريق أمام الاحتلال الذي كان يريد إنجاز مرحلة واحدة، يحقّق فيها الإفراج عن أسراه لدى المقاومة، ثمَّ يستأنف عدوانه على قطاع غزَّة، وهو الأمر الذي رفضته الحركة جملة وتفصيلًا، حيث إنّ هذا الاتفاق يمثّل الحدّ الأدنى الذي يستجيب لمطالب الشعب والمقاومة.
ونوّه حمدان إلى أنّ الحركة في كلّ مراحل هذا الاتفاق كانت على تواصلٍ وتشاورٍ دائمٍ ومستمرٍ وحثيثٍ مع باقي فصائل المقاومة، وعلى رأسهم الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي «زياد النخالة» ونائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «جميل مزهر»، وكلّ فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزَّة، مؤكّدًا أنَّ هذا الاتفاق يمثّل إجماعًا وطنيًّا لكلّ قوى المقاومة، وتجسيدًا لصورة الجسد والموقف والرّؤية الواحدة في ميدان المعركة وفي ميدان السياسة والمفاوضات، وتعبيرًا صادقًا عن تطلّعات الشعب وحقوقه المشروعة.
وأشار إلى أنَّ توجيه قيادة الحركة لوفدها المفاوض التوجّه من الدوحة إلى القاهرة تؤكّد جدّية موقفها في التعاون الإيجابي مع الوسطاء، وفي إتمام اتفاق وقف العدوان وإنجازه، وأنَّها معنيّة بالمُضي بكلّ إيجابيّة في كلّ مراحله المتوافق عليها، مقابل السلوك الفاشي لحكومة نتنياهو، ومحاولاته المراوغة والتهرّب من الوصول إلى اتفاق، وهو الذي يضع الإدارة الأمريكيّة التي اتهمت الحركة دون دليل بأنّها العقبة أمام إبرام هذا الاتفاق؛ يضعها أمام استحقاق واضح؛ بضرورة التخلّي عن انحيازها لمجرمي الحرب الصهاينة، والشراكة في جريمة الإبادة الجماعيّة، والانتقال إلى مربع الضغط عليهم لإلزامهم بوقف العدوان وحرب الإبادة الجماعيذة ضدّ المدنيّين العزل، ووقف الجريمة التي خطط لها في مدينة رفح والسعي لتنفيذها، وفق أجندات سياسيّة شخصيّة لن تنطلي على أحد.
وأكّد حمدان مجدّدًا أنّ الكرة الآن أوّلًا في ملعب نتنياهو وأركان حكومته المتطرّفين، وأنّ سلوكهم بعد إعلان موافقة الحركة، يعكس إصرارًا من المجرم نتنياهو على تعطيل كلّ جهود الوسطاء بمن فيهم الإدارة الأمريكيّة، وأنّه لا يأبه بحياة أسراه لدى المقاومة الذين يتهدّدهم الموت يوميًّا بقذائف جيشهم وصواريخه، مضيفًا أنّ الكرة ثانيًا في ملعب الإدارة الأمريكيّة التي عليها أن تثبت جدّيتها ومصداقيّتها في إلزام حكومة نتنياهو بتنفيذ الاتفاق.
ورأى القياديّ في حماس أنّ اقتحام جيش الاحتلال النازي معبر رفح الحدودي مع مصر جريمة وتصعيد خطر ضدّ منشأة مدنيّة محميّة بالقانون الدولي، في انتهاك صارخ لكلّ الأعراف والمواثيق الدوليّة، محذّرًا من أنَّ اقتحام معبر رفح واحتلاله يهدف إلى مفاقمة الوضع الإنساني في القطاع، عبر إغلاقه ومنع تدفق المساعدات الإغاثية الطارئة للشعب المحاصر الذي يتعرض لحرب إبادة وتجويع مُمنهج من الاحتلال النازي.
وأضاف أنّ اقتحام جيش الاحتلال معبر رفح، وقصفه بشكل همجيّ وإجراميّ، بإصرار من نتنياهو وأركان حربه المتطرّفين، هو محاولة مكشوفة لتخريب كلّ جهود الوسطاء في إنجاز اتفاق وقف العدوان على شعب فلسطين، وهو في الوقت ذاته محاولة يائسة لصناعة صورة نصر موهوم لحفظ ماء وجهه، ولن يحصل في حال استمرار عدوانه إلّا على مزيدٍ من الهزائم والخزي.
ودعا حمدان الجامعة العربيّة ومنظمة التعاون الإسلامي إلى عقد لقاء عاجل على مستوى وزراء الخارجية، وأخذ موقف عاجل وفاعل لوقف هذا الانتهاك وإجبار الاحتلال على وقف عدوانه ضد مقدّرات الشعب والأمّة، كما دعا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى الضغط على الاحتلال لوقف هذا التصعيد الذي يهدّد حياة مئات الآلاف من المدنيين النازحين في رفح وعموم قطاع غزة، كما يهدد كلّ مساعي الوسطاء في وقف العدوان وحرب الإبادة الجماعيّة.
وحذر الاحتلال بالقول: «نؤكّد أنَّ العمليّة العسكريّة في رفح، إذا أقدم عليها العدو؛ لن تكون نزهةً لجيش الاحتلال الإرهابي، الذي سيجرُّ في نهاية المطاف، أذيال الخيبة، وسيخرج مدحورًا كما فعل في كلّ المناطق التي دخلها في قطاع غزّة، وتعرّض فيها للإذلال، بأيدي مجاهدي كتائب القسَّام وسرايا القدس والمقاومة الفلسطينيّة».