ذكّر خطيب الجمعة في البحرين «سماحة الشيخ محمد صنقور»، تزامنًا مع عيد العمّال العالميّ، بالقضيّة الحاضرةِ والجاثمةِ على الصدور، وهي قضيّة «البطالة» وتبعاتها المرهقة وآثارها السيئة على الاستقرار المالي للأسر والاستقرار النفسي بما يُفضي إلى تبعاتٍ غير محمودة على الاستقرار المجتمعيِّ والسياسيِّ والأمني.
ورأى سماحته في خطبة صلاة الجمعة المركزيّة في «جامع الإمام الصّادق (ع)» في الدراز غرب العاصمة المنامة، يوم الجمعة 3 مايو/ أيّار 2024 أنّه رغم تقادمِ هذه القضيّة واستفاضةِ الحديث حولَها والتوافقِ على أنَّها من القضايا المحوريّة التي تُلح على ضرورةِ المعالجة لها فإنّها تزدادُ تفاقمًا يومًا بعد يوم بازدياد أعدادِ العاطلين والمفصولينَ تعسُّفًا عن العمل، وخلوّ الأفق من خطةٍ واضحة وشاملةٍ لمعالجة هذه القضيّةِ من جذورها، وفي المقابل يجدُ الناس ازديادَ أعداد العمالة الأجنبيَّة وشَغلَهم لمختلف الوظائف في القطاع الخاصِّ والعام وتقديمَ التسهيلات الإداريَّة والقانونيَّة لتوافدهم واستقرارِهم الوظيفي وإمساكهم بناصيةِ سوق العمل في البلاد حتى أصبحت العمالةُ الأجنبيَّة -كما قيل- تشكل سبعين في المئة من سوقِ العمل، وهو ما يُنذر بمخاطرَ تمسُّ هويةَ البلد وتُغلق أيَّ أفقٍ لمعالجة هذه القضيَّة.
وأضاف سماحته أنّ ثمّة قضية تقع في سياق قضيّة البطالة، وهي لا تقلُّ أهميةً في آثارها وتداعياتها عنها وهي قضيَّة تدنِّي الأجور في ظلِّ غلاء المعيشة المفرط وكثرةِ الضرائب والالتزامات الماليَّة المختلفة وتبعاتِ البطالة التي تحتِّم أخلاقيًّا على مَن يعمل تقاسم ما يتقاضاه من راتبٍ ضئيل مع أبويه وإخوته وأقاربه، مؤكّدًا أنَّ هاتين القضيّتين تمسَّان صُلْبَ الحقِّ الأصيل في العيشِ الكريم واللائقِ لكلِّ أحدٍ، والذي يَتحتَّم على الدول تأمينُه لمختلف رعاياها.
وأشار الشيخ صنقور إلى أنَّ الذين شملتهم الإفراجات الأخيرة كان بعضهم يشغلُ وظائف في بعض الوزارات والشركات، داعيًا الجهات المعنيَّة إلى إتمام هذه الخطوة بإعادتهم إلى وظائفهم، وتأمين وظائف لائقةٍ لبقيّة المُفرَجِ عنهم، مجدّدًا المطالبة بإغلاقِ ملفِّ السجناء وذلك بالإفراج عن بقيّتهم.
وأكّد سماحته ضرورة الجدِّية في معالجة قضيَّة البطالة وقضيّة تدنِّي الأجور وإعطاء هاتين القضيّتين أهميَّة فائقة ووضع حدٍّ لمشكلة العمالة الأجنبيَّة وتفعيل شعار أنَّ المواطنَ هو الخيار الأوّل، وتحويله إلى قانونٍ ملزمٍ ووضع آليات جادَّة وملزمة في طريق تفعليه على أرض الواقع، إضافة إلى تكثيف الجهود العمّاليّة والنقابيّة في هذا السبيل وتوحيدها بعيدًا عن المصالح الشخصيَّة والتي تضرُّ بفاعليّتها وتأثيرها.
وحول غزّة قال الشيخ صنقور في خطبة الجمعة إنّ من أعظم إنجازات «طوفان الأقصى» هو ما أحدثه من صحوة لدى الشعوب الغربيَّة التي عمل الإعلام الغربيُّ بإمكانيّاته الهائلةِ والماكرة على تضليلها على مدى عقود، فجاء طوفان الأقصى والحربِ المسعورة على أبناء غزَّة ليكشف الوجهَ الحقيقي لدوائر القرار في العالم الغربيّ، وأنَّ شعاراتِه البرَّاقة حول الحريَّات وحماية حقوق الإنسان التي كان يتبجَّحُ بها لم تكن سوى قناعٍ يُخفي وراءه وجهًا هو في القبح أبشعُ من صورةِ الشيطان، وفق تعبيره.