وكأنّ شهداء ثورة 14 فبراير أرادوا استقبالهم، توحيدًا للعهد المشترك على مواصلة درب الحريّة حتى نيلها.
أفراح عمّت عشرات البلدات في البحرين باستقبال مئات من المعتقلين السياسيّين الذين نالوا حريّتهم بإرادتهم الصلبة، وإصرارهم على عدم التنازل عن حقوقهم. الكثير منهم أبوا إلّا أن تكون رياض الشهداء محطّتهم الأولى بعد تحطيم القيود.
عند تلك الرياض كانت لحظة اللقاء والوداع، هي الدروب تتلاقى حينًا لتفترق أحيانًا وتعود لتلتقي عند تحقيق الغاية الأسمى «النصر»، فتُقبل هناك القرابين إمّا دماء سالت وإمّا سنوات سجن عند الطغاة.
منذ يومين والبحرين تعيش أعراسها، لا بل الأحرار في المنطقة يشاركونها فرحتها، تُرفع لأهلها التهاني والتبريكات بمن عادوا مرفوعي الرؤوس وإشارة النصر تتقدّمهم، ولسان حالهم «منصورين والناصر الله»، ومن خلفهم لا يزال المئات يقبعون في سجون النظام، لا ينتظرون منّة من أحد للإفراج عنهم كما لم ينتظرها السابقون، بل يسعون إلى حريّتهم سعيًا حثيثًا بجهادهم ونضالهم، فكما قال سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم: ما أدخل المعتقلين الأوفياء «السجونَ هو نفسه ما أخرجهم منها، أدخلهم جهادهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وهو كذلك الذي حرّرهم منها، ولا طريق غيره للحفاظ على الحريّة واستردادها إذا سُلبت».
مَن بقوا مِن هؤلاء المعتقلين وراء القضبان يرون أنّه لا مناص من أن يكونوا التالين في قوافل المحرّرين، ويؤمنون أنّ الدرب وإن طال سيؤول حتمًا إلى التحرّر من الظلم والطغيان، وهذا ما يعطيهم الحافز للثبات على موقفهم، يدعمهم في ذلك أهل أوفياء يصرّون على حقّهم في الحريّة، وشعب مخلص لقضيّتهم يرفض التنازل عنها، ورفاق تحرّروا اليوم وينتظرونهم ليتحرّروا هم غدًا.
اليوم اختلطت دموع الفرح بعودة مئات الأبطال أحرارًا من الأسر مع دموع الحسرة على انتظار بقيّتهم.. وقريبًا لن تكون إلّا دموع فرح..