صدر عن المجلس السياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير الموقف الأسبوعيّ، هذا نصّه:
بسم الله الرحمن الرحيم
يتقدّم المجلسُ السّياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير بأعظم التّحيةِ والإجلالِ إلى شعبنا الوفيّ في البحرين، الذي لبّى نداءَ «يوم القدس العالميّ» في آخر جمعة من شهر رمضان، وخرجَ في كلّ ساحات البلاد؛ رافعًا صوت فلسطين وغزّة ومقاومتها الباسلة، ومجدّدًا رفضه القاطع للكيانِ الخليفيّ المطبّع الخائن، والذي أكّدَ مرّة أخرى عمالته للصّهاينةِ المحتلّين بقمعهِ تظاهرات شعبنا ومحاصرته البلداتِ وإرهاب المواطنين ومنعهم من إعلاءِ الموقف ضدّ المجازر الصّهيونيّة والخنوع العربيّ الرّسميّ للأوامر الإمبرياليّةِ المعادية لأمّتنا وشعوبنا في المنطقة.
لقد عزّزَ هذا الحضورُ الشّعبيّ والثّوريّ نجاحَ ثورتنا المجيدة في إسقاط سياساتِ القمع والاستسلام، وتوفّرت لدى شعبنا مستوياتٌ أكبر من القدرةِ والإرادة للدّخول في مسارٍ جديدٍ من النّهوض الثّوري الذي يستكملُ انطلاقة 14 فبراير المباركة، وهو ما يدعو كلّ القوى الحيّة إلى التّلاقي العمليّ والحكيم مع هذه المستجدّات المهمّة، وإعادة ترتيب الأوراق وبرامج النّضال السّياسيّ بما يتناسبُ مع الصّعودِ الشّعبيّ المتراكم، وانهيار رهانات الخليفيّين في القمع والحصار، فضلًا عن التقوّض المتتابع لبنيةِ هذا الكيان غير الشّرعيّ وإفلاسه الأخلاقيّ الكامل.
ونسجّل في هذا الموقف الأسبوعيّ العناوين الآتية على ضوء المستجدّات الأخيرة:
1- نؤكّد أنّ خيارَ شعبنا في الوقوفِ مع فلسطين وشعبها مقاومتها هو خيارٌ واعٍ وأصيلٌ، وهو لا ينقطعُ بصلةٍ عن خيارهِ الوطنيّ في مناهضةِ الظّلم والاستبداد، وقد عبّر تاريخه التضامنيّ مع فلسطين على تركُّز هذا المعنى وتحويله إلى رؤيةٍ ثابتة في المشروع الوطنيّ، حيث أسّسَ هذه الرّؤية على استراتيجيّةِ التّكامل والتّبادلِ بين الحريّة والتحرُّر، وأنّ إسقاط الكيان الخليفيّ – بما هو بؤرة استيطانيّة استعماريّة – يتلاقى وظيفيًّا ونضاليًّا وشرعيًّا مع إسقاط الكيان الصّهيونيّ، حيث يشكّل كلاهما إفرازًا للمشاريع الإمبرياليّة والتّدميريّة التي ترعاها قوى الاستكبار العالميّ في المنطقة.
2- لقد حرصَ شعبُنا في المرحلة التي أعقبت عمليّة «طوفان الأقصى» المباركة على بناء خطواتٍ عمليّة متصاعدة من أجل تحويل أهداف هذه العمليّة ونتائجها إلى مواد أساسيّة للاستنهاض الشّعبيّ الواسع، وهو ما تبيّن مع اعتماد صيغةٍ دقيقة في التدرّج المتتالي، وذلك على النّحو الآتي: الوقوف العلنيّ والواضح مع عمليّة «طوفان الأقصى»، وعدّ مقاومة غزّة عنوانَ الأمّةِ الأكبر في هذه المرحلة، وتجسيد ذلك على الأرض من خلال تنظيم الاحتجاجات والوقفات التضامنيّة المتواصلة، وتطوير الشّعار الاحتجاجيّ بحسب الظّروف والتّحديات المحليّة والخارجيّة، حيث شدّد الموقفُ الشّعبيّ على إلغاء اتّفاقات التّطبيع، وطرد وكر التجسّس الصّهيونيّ في المنامة، ومن ثمّ إغلاق القواعد الأمريكيّة في البلاد. ونشدّد على أهميّة تجربة شعب البحرين في التّضامن مع غزّة ومناهضة التّطبيع، وندعو كلّ القوى التحرّريّة في المنطقة إلى الأخذ بهذه التّجربة، والتّلاقي معها، في بناء إطار تحرُّريّ واسع على امتداد كلّ ساحات التحرّر والمقاومة.
3- عبّرَ الحراكُ الشّعبيّ والثّوريّ عن وفائه ونصرته للسّجناء الأحرار وقادة الثّورة المغيّبين في سجون الكيان الخليفيّ المجرم، وهو تعبيرٌ آخر عن تميّز حراك شعبنا وقدراته الفاعلة في التّكاملِ بين الملف الوطنيّ وملفّات التحرُّر الأخرى. ونشدّدُ في هذا السّياق على أهميّة ملف السّجناء السّياسيّين، والنّظر إليه على أنّه انعكاس لطبيعةِ الصّراع الوجوديّ مع آل خليفة، وليس مجرّد ملفّ حقوقيّ أو إنسانيّ، وهو ما يدعو إلى تحريكه من خلال الحقّ الكامل للسّجناء في الحريّة الفوريّة وغير المشروطة، ومحاكمة المجرمين والجلّادين الذين ارتكبوا الجرائم بحقّ السّجناء، بما في ذلك التّعذيب والحرمان من العلاج المفضي إلى الموت. وفي هذا الإطار، نستهجنُ محاولات الطّاغية حمد امتصاص هذا الملفّ من خلال الإفراجات المجتزأة، ونرى أنّ هذه الإفراجات عن بعض الأحبّة الأسرى هي حقٌ أصيل لهم، غير أنّها لن تُسقط الحقّ في حريّةِ كافة المعتقلين السياسيّين وتبييض السجون من آخر معتقل سياسيّ وفي مقدّمتهم الرموز القادة، وملاحقة القتلة والجلاّدين وعلى رأسهم الطّاغية حمد وزمرته المجرمة.
4- نؤكّد ما تضمّنه بيانُ ائتلاف 14 فبراير حول الجريمةِ الإرهابيّة التي ارتكبها الكيانُ الصّهيونيّ بحقِّ قادةِ قوّة القدس في الحرس الثّوري، بعد قصف القنصليّة الإيرانيّة في العاصمةِ السّوريّة دمشق الأسبوع الماضي. ونسجّل الدّعمَ الطّبيعيّ والمطلق للحقّ الإيرانيّ في الدّفاع المقدّس والرّد على هذه الجريمةِ النّكراء، معبّرين عن ثقتنا الكبيرة بأنّ ذلك آتٍ ومزلزلٍ لا محالة، وكما قالَ سماحة السّيد حسن نصر الله (حفظه الله تعالى) إنّ بابَ الفرجِ والنّصر الكبير سيكون لصالحِ محور المقاومة وسيبوء المشروع الصّهيونيّ الأمريكيّ بالهزيمةِ الكبرى بإذن الله تعالى.
5- في ضوء المرحلة الجديدةِ والمفصليّة التي بلغتها حربُ الكيان الصّهيونيّ على غزّة الاباء، بالخصوص بعد استهداف القنصليّة الإيرانيّة في دمشق؛ وترقُّب الرّد الإيرانيّ على هذا العدوان؛ فإنّنا نضعُ الكيانَ الخليفيّ في البحرين في وجهِ التّطوّرات المقبلة على مستوى الإقليم والعالم، حيث إنّ وجود سفارة العدوّ الصّهيونيّ والقواعد الأجنبيّة التي تحتلّ بلادنا، وانخراط هذا الكيان في التّحالفات والمؤامرات العدوانيّة التي تقودها واشنطن؛ لن يكون خارج إطار الأهداف المحتملة لمشروع قطع أيادي الشّر في المنطقة، ونرى أنّ ذلك يوجب ترتيبات وطنيّة متعدّدة الجهات، بما في ذلك التّهيئة السّياسيّة للمرحلةِ القادمة، وإعداد خطط طوارئ عالية المستوى للإمساك بالوضع الجديد الذي سيترتّب على التّغيرات الوشيكة على صعيد الخرائط الجيوسياسيّة والعلاقات ومستقبل الأنظمة الديكتاتوريّة في المنطقة.
المجلسُ السّياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الإثنين 8 أبريل/ نيسان 2024م
البحرين المحتلّة