وجّه رئيس الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة «السيّد إبراهيم رئيسي» التحيّة للشعب الفلسطينيّ المجاهد الذي لا يعرف الكلل، بالأخصّ أهالي غزّة المظلومين والمجاهدين الموجودين على خطّ التماس، كبارًا وصغارًا، نساء ورجالًا، شيوخًا وشبابًا، وإلى جميع شباب الأمّة الإسلاميّة المسؤول والغيور المنعقدة قلوبهم بقضيّة القدس، وإلى أصحاب الضمائر الحيّة في كلّ أنحاء العالم.
ورأى بكلمته في الاحتفال الجماهيريّ «منبر القدس» الذي أقامته اللجنة الدوليّة لإحياء يوم القدس، يوم الأربعاء 3 أبريل/ نيسان 2024، في قاعة رسالات في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، أنّ الاستراتيجيّة التاريخيّة والذكيّة للإمام الخمينيّ (قده) في تسمية يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك «يوم القدس العالمي» هي حركة ملهمة وموحّدة في الدفاع عن قضيّة الشعب الفلسطينيّ وإحيائها، وتعزيز جبهة المقاومة واتحاد الأمّة الإسلاميّة.
وأكّد السيّد رئيسي أنّ يوم القدس العالميّ يذكّر باقتراب النصر النهائيّ للشعب الفلسطينيّ المعاني والصبور على المعتدين، وهو رمز للوحدة وتعاطف الأمّة الإسلاميّة لحلّ القضيّة الفلسطينيّة وإخراج الكيان من كافة الأراضي المحتلّة، مضيفًا «طالما أنّ القدس الشريف محتلّ، كما قال قائد الثورة الحكيم الإمام الخامنئي فكلّ أيّام السنة هي يوم القدس، القدس الشريف قلب فلسطين، وكافة الأراضي المغتصبة هي مكمّلة للقدس، اليوم مقاومة الفلسطينيّين ودماء شهداء المقاومة أثمرت، وغيّرت المستقبل، فالعامل الأكثر أهميّة هو الاعتقاد القلبيّ للشعب الفلسطينيّ في مواجهة الكيان المجرم والمغتصب بدون توقّف، وببركة الغيرة والإيمان والشجاعة لدى الفلسطينيّين في طوفان الأقصى، صار واضحًا للجميع أنّ قصر الصهيونيّة الزائف أوهن من بيت العنكبوت، والعالم يرقب تحقّق هذا الوعد الصادق الإلهيّ».
وقال إنّ العمليّات التاريخيّة الفلسطينيّة سحقت الجيش الصهيونيّ المجرم، وليرمموا صورته قاموا بقتل النساء والأطفال المظلومين بأحدث الأسلحة، وللتعويض عن الضربة الاستراتيجيّة التي تلقاها العدوّ من طوفان الأقصى لجأ إلى ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعيّة، لافتًا إلى أنّ «التطوّرات الأخيرة في غزّة أظهرت، أكثر من أيّ وقت مضى، أنّ الكيان الصهيونيّ لا يلتزم بأيّ من المبادئ الإنسانيّة، الأخلاقيّة، القانونيّة الدوليّة، ولم يكن كذلك، وللتغطية على ضعفه الداخلي يقوم بأي عمل وحشيّ وغير إنسانيّ، واليوم أصحبت قضيّة فلسطين وغزّة مؤشّرًا بين حالتين: التمسك بالمبادئ الإنسانيّة أو معارضتها، وأصبحا معيارًا للشرف الإسلاميّ والإنسانيّ».
وأعرب السيّد رئيسي عن أسفه لالتزام المدّعين الكاذبين لحقوق الإنسان في الغرب الصمت المخجل، ولم يقتصر الأمر على عدم محاولتهم إيقاف آلة القتل الصهيونيّة، بل يشاركون أمريكا علنًا وسرًّا في هذه الجرائم، ولا شكّ في أنّ أمريكا شريكة أكيدة لجرائم الكيان الصهيونيّ في غزّة.
وأكّد أنّ عمليّة «طوفان الأقصى» هي ردّ فعل على مدّة طويلة من الدمار والبطش والوحشيّة، وهي رسالة لا مبالاة لصمت المجالس والمحافل الحقوقيّة أمام الجرائم المتكرّرة للكيان الصهيونيّ وهتك حرمة المسجد الأقصى، وهي نقطة تحوّل في تاريخ المواجهة مع الكيان الصهيونيّ، وانقسمت المعركة إلى ما قبل الطوفان وما بعده، ولن يعود العالم والمنطقة إلى ما قبل هذه العمليّة، وأنّ ارتكاب الجرائم المجنونة وجرائم الحرب والمذابح ضدّ النساء والأطفال على يد الصهاينة لن يمكّنهم من التغطية على الهزيمة غير القابلة للترميم.
وقال إنّ الكيان الغاصب يواجه اليوم الكثير من المشاكل على المستويين السياسيّ والعسكريّ، ففي المجال العسكريّ، إنّ انتصار الإرادة الفلسطينيّة على أنظمة الدفاع المتعدّدة الطبقات حطّم الوهم بأنّ هذا الكيان لا يقهر، وكشف للعالم مستوى الضعف الكبير له، وفي المجال السياسيّ، فإنّ هذا الكيان على وشكّ الانهيار الداخلي أكثر من أيّ وقت مضى، كما أنّ استمرار مشاريع التسوية المشينة، مثل تطبيع العلاقات، تحوّل إلى مقامرة على حصان خاسر، ببركة دماء المجاهدين الفلسطينيّين، واللافت في هذا الحدث الطوفاني هو صحوة الضمائر والرأي العام في العالم التي أدانت خطوات الكيان، ولا تزال تدينه.
وأكّد السيّد رئيسي أنّ المسيرات والاحتجاجات العديدة، سواء في دول المنطقة أم في العالم، نجحت في اختراق السياج الإعلاميّ الآمن المحيط بالكيان غير الشرعي، وأدركت شعوب العالم أكثر من أيّ وقت مضى أهميّة الوقوف ضدّه، مشيرًا إلى أنّ «الاعتداءات والجرائم العنيفة التي يرتكبها الكيان الصهيونيّ، وخلافًا لما يعتقده قادة هذا النظام المجرم، جعلت الشعب الفلسطينيّ، سواء في قطاع غزّة أو الضفّة الغربيّة، أكثر عزمًا على مواصلة المقاومة والكفاح ضدّ المعتدين.
وقال إنّ خطط التسوية السابقة والمذلّة ذهبت إلى أرشيف التاريخ، ولا يمكن تنفيذ أيّ خطّة أو فكرة لمستقبل فلسطين دون أخذ رأي أصحاب هذه الأرض الأصليّين.
وأوضح رئيسيّ أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، كما أعلنت سابقًا، تدعم المقاومة وتؤكّد شرعيّة الشعب الفلسطينيّ في مواجهة العدو الغاصب، مؤكّدًا أنّ انتهاك كافة المبادئ الإنسانيّة والمقرّرات الدوليّة، بما في ذلك الهجوم الإرهابيّ الذي قام به هذا الكيان على قنصليّة الجمهوريّة الإسلاميّة في مشق، لن يمرّ دون عقاب، وهو يظهر قمّة الإحباط والعجر الذي يعانيه الكيان، وجنونه للتغطية على إخفاقاته وجرائمه ضدّ الإنسانيّة، وسيعاقب على أيدي رجال جبهة المقاومة البواسل، وسوف يندم على ارتكابه لهذه الجرائم وغيرها.
وحيّا في نهاية كلمته «الأرواح الطاهرة لجميع شهداء المقاومة الفلسطينيّة وشهداء طريق القدس» مشيدًا بالشعب الصابر في قطاع غزّة، الذي كان يتعرّض للهجمات الإجراميّة التي يشنّها الكيان قاتل الأطفال في الأشهر الماضية، مشدّدًا على أنّ الشعب الإيرانيّ يرى نفسه إلى جانب كلّ المجاهدين الذين يقفون اليوم على خطّ القتال ضد الاستكبار في المنطقة، وشكر رئيسي جميع الشعوب الداعمة لمقاومة الشباب الغيور والمخلص والشجاع في فلسطين ولبنان وفي كلّ مكان في المنطقة.