الحقّ يؤخذ»، شعار المعتقلين السياسيّين الذي رفعوه أمام مراوغة النظام الخليفيّ في تحقيق مطالبهم، التي توصف بأنّها مطالب إنسانيّة بامتياز وليست تعجيزيّة أو مبالغ بها.
منذ اعتصام معتقلي المبنى 7 في سجن جوّ في السابع من مارس/ آذار 2024 احتجاجًا على سياسة العزل الجائرة، والنظام الخليفيّ يسعى جاهدًا لاحتواء حراك المعتقلين والتكتّم على ما يجري في سجونه بالكذب والوعود الزائفة حينًا، وبالقوّة حينًا آخر.
في المقابل، وكما هو ديدنهم، أبدى المعتقلون مرونة كبيرة حين أعلنوا وقف اعتصامهم السلميّ بعد 18 يومًا إثر إخراج المعتقل «أبي كريم فخراوي» من عزله القاسي الذي استمرّ لأكثر من عامين، والحصول على «تعهّدات» بإخراج المعزولين في مبنى 4 خلال الأيّام التالية.
هدأت الأمور نسبيًّا في سجون البحرين، لكنّ النظام المعروف بغدره وخيانته المواثيق والعهود، بيّت نيّته في التشفّي من المعتقلين لاحقًا، وسارت الرياح بما لم يشتهِ، إذ إنّ السجون سرعان ما انتفضت غضبًا لاستشهاد المعتقل «حسين خليل الرامي» نتيجة إهمال علاجه، فالتهبت مجدّدًا شرارة الانتفاضة في مختلف المباني، وأعلن المعتقلون البدء بفعاليّات «الحقّ يؤخذ» في السادس والعشرين من مارس/ آذار 2024، وصارت المطالب ليس فقط إنهاء العزل بل الإفراج الشامل عن جميع المعتقلين السياسيّين، ذلك أنّهم في الأساس لم يعتقلوا لجريمة اقترفوها بل اعتقلوا على خلفيّة سياسيّة.
حاول النظام مجدّدًا اللعب في «الوقت بدل الضائع»، قدّم وعودًا بالإفراج عن عدد من المعتقلين ضمن ما يسمّى «العقوبات البديلة» وبمناسبة العيد، وهو أمر يلجأ إليه الطاغية حمد في كلّ عام تبييضًا لسجلّه الحقوقيّ الأسود حين يفرج عن عدد كبير من السجناء الجنائيّين في مقابل بعض السياسيّين ممن تكاد مهل أحكامهم تنتهي دون منّة منه.
ما أظهره إعلام النظام، كما هو الحال، أنّه قدّم وعودًا لحلحلة الوضع بـ«الإفراج» عن هؤلاء، وما لم يظهره إعلامه، بل أظهره إعلام المعارضة، هو الخطوات القمعيّة التي لجأ إليها بدءًا من التضييق على المعتقلين وقطع المياه والكهرباء عنهم لساعات طويلة، إلى منع ذويهم الذين اعتصموا أمام سجن جوّ من الاطمئنان عليهم، وآخرها قمع المسيرة التضامنيّة التي خرجت في بلدة القدم بوحشيّة، حيث شهدت مواجهات مع الشبّان واعتقال أحدهم.
قوى المعارضة في البحرين، من جهتها، حذّرت من خطورة الموقف في ظلّ إصرار النظام على حرمان السجناء حقوقهم والتضييق عليهم عبر قطع الماء والكهرباء عنهم لساعات طويلة، وشدّدت على ضرورة التحرّك الجادّ لإنقاذ «حياتهم» عبر الإفراج عنهم والبدء فورًا بتوفير الظروف الإنسانيّة والطبيّة العاجلة والمطلوبة بشكل عاجل، خصوصًا لأصحاب الحاجات الملحّة والضروريّة.
إذًا يواصل المعتقلون في ظلّ دعم شعبيّ واسع فعاليّاتهم الاحتجاجيّة بصمود وثبات، ويواصل النظام الخليفي همجيّته بتعنّت وإصرار، ولكن يبقى الأكيد أنّ «الحقّ يؤخذ» ولو بعد حين.