وَجَّهَ رَئِيسُ مَجْلِسِ الشُّورَى فِي اِئْتِلَاَفِ شَبَابِ ثَوْرَةِ 14 فِبْرَايرَ خِطَابَهُ السَّنَوِيَّ بِمُنَاسَبَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ، هَذَا نَصُّهُ:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالِمِينَ وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ خَلْقِهِ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا أَبِي الْقَاسِمِ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.
نَفِدَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، بَعْدَ أَنْ تَزَوَّدْنَا مِنْ شَهْرَي اَلتَّهْيِئَةِ وَالِاسْتِعْدَادِ شَهْرِ رَجَبَ اَلْأَصَبِّ وَشَهْرِ شَعْبَانَ اَلْأَغَرِّ، إِلَى شَهْرٍ مِنْ أَفْضَلِ اَلشُّهُورِ، هو شَهْرُ اَللَّهِ اَلْأَعْظَمُ، شَهْرُ اَلْمَأْدُبَةِ اَلَّتِي دَعَا اَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَيْهَا عِبَادَهُ لِضِيَافَتِهِ وَإِكْرَامِهِمْ، وَالْإِفَاضَةِ عَلَيْهِمْ مِنْ خَيْرَاتِهِ وَبَرَكَاتِهِ ، وَقَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اَللَّهِ «صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ» عَظَمَةَ هَذَا اَلشَّهْرِ اَلْكَرِيمِ فِي خُطْبَةِ آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ، حَيْثُ قَالَ «صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ» إِنَّ نَفَسَ اَلصَّائِمِ تَسْبِيحٌ، وَمَتَى قَارَنَ هَذَا اَلنَّفَسُ ذِكْرَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ تَضَاعَفَ أَجْرُهُ وَثَوَابُهُ، وَنَوْمَ اَلصَّائِمِ عِبَادَةٌ إِذْ فِي كُلِّ آنٍ مِنْ آوِنَةِ هَذَا اَلشَّهْرِ اَلْكَرِيمِ يَكُونُ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعِبَادَتِهَ حَتَّى فِي وَقْتِ نَوْمِهِ وَرَاحَتِهِ.
اِنْطِلَاقًا مِنْ هَذِهِ اَلْمَحَطَّةِ اَلْإِيمَانِيَّةِ وَالسّفْرَةِ اَلْمُتَنَوِّعَةِ اَلْمَوَائِدِ، نَبْعَثُ بَعْضَ اَلرَّسَائِلِ:
اَلرِّسَالَةُ اَلْأُولَى لِلْأُمَّةِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ:
عِبَادَ اَللَّهِ، إِنَّ اَللَّهَ «عَزَّ وَجَلَّ» لَيَنْظُرُ إِلَى عِبَادِهِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَمَنْ نَظَرَ اَللَّهُ إِلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ، وَإِذَا كَانَ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، غَفَرَ اَللَّهُ لَهُمْ جَمِيعًا، وَفِي هَذَا اَلشَّهْرِ اِسْتِغْفَارُ اَلْمَلَائِكَةِ شَامِلٌ لِعِبَادِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَفِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ اَلَّتِي هِيَ أَعْظَمُ لَيَالِيهِ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، قَالَ اَلْإِمَامُ اَلصَّادِقُ «عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ»: «يُقَدَّرَ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدَرِ كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِي تِلْكَ اَلسَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، أَوْ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ، أَوْ مَوْلُودٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ رِزْقٍ، فَمًا قُدِّرَ فِي تِلْكَ اَللَّيْلَةِ وَقُضِيَ فَهُوَ مِنَ اَلْمَحْتُومِ وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ اَلْمَشِيئَةُ»، وَقَالَ «عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ»: «اَلْعَمَلُ اَلصَّالِحُ فِيهَا مِنَ اَلصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَأَنْوَاعِ اَلْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ اَلْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ»، لِذَا حَرِيٌّ بِنَا تَكْثِيفُ اَلْبَرَامِجِ اَلرَّمَضَانِيَّةِ وَالْأُمْسِيَاتِ اَلْقُرْآنِيَّةِ وَالْأَنْشِطَةِ اَلثَّقَافِيَّةِ وَأَيِّ مَشَارِيعَ تُوَاجِهُ مَشَارِيعِ اَللَّهْوِ وَالْفَسَادِ وَكُلِّ مَا هُوَ دَخِيلٌ عَلَى دِينِنَا وَهَوِيَّتِنَا اَلْأَصِيلَةِ .
اَلرِّسَالَةُ اَلثَّانِيَةُ لِلدُّوَلِ اَلْعَرَبِيَّةِ اَلْمُطَبِّعَةِ:
إِنَّ تَوَهُّمَ أَنْظِمَتِكُمْ وَحُكُومَاتِكُمْ اَلْمُطَبِّعَةِ أَنَّ أَمْرِيكَا اَلْإِرْهَابِيَّةَ وَالْكِيَانَ اَلصَّهْيُونِيَّ اَلْمُتَوَحِّشَ يَحْمِيَانِ عُرُوشَكُمْ وَيَحْفَظَانِ مَنَاصِبَكُمْ هُوَ تَوَهُّمٌ نَاتِجٌ عَنْ جَهْلٍ مِنْكُمْ، وَإِمْعَانٍ فِي بَاطِلِكُمْ، فَهَا هِيَ أَمْرِيكَا غَيْرُ قَادِرَةٍ عَلَى حِمَايَةِ نَفْسِهَا فِي اَلْبَحْرَينِ «اَلْأَحْمَرِ وَالْعَرَبِيِّ»، وَهَا هُوَ اَلْكَيَانُ اَلصَّهْيُونِيُّ اَلْإِجْرَامِيُّ بِإِبَادَتِهِ اَلْجَمَاعِيَّةِ لِأَهْلِ غَزَّةَ وَتَوَحُّشِهِ اَلْمَدْعُومِ مِنْ أَمْرِيكَا وَالدُّوَلِ اَلْغَرْبِيَّةِ غَارِقٌ فِي مَأْزِقٍ لَا قَرَارَ لَهُ، وَمَهْزُومٌ أَمَام اَلْمُقَاوِمِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ فِي فِلَسْطِينَ وَمَحَاوِرِ قِتَالِهَا وَلَا مَنَاصَ لَهُ إِلَّا اَلتَّسْلِيمُ وَالِاعْتِرَافُ بِهَزِيمَتِهِ لِتَعُودَ أَرْضُ اَلْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ إِلَى أَهْلِهَا، وَيَعُودَ أُولَى اَلْقِبْلَتَيْنِ «مَسْجِدُ اَلْأَقْصَى اَلْمُبَارَكُ» مُحَرَّرًا طَاهِرًا مِنْ أَيْدِي أَرْجَاسِ اَلْأَرْضِ وَأَنْجَاسِهَا اَلصَّهَايِنَةِ اَلْغَاصِبِينَ .
اَلرِّسَالَةُ اَلثَّالِثَةُ لِشُعُوبِ اَلْمِنْطَقَةِ:
لَقَدْ بَاتَ جَلِيًّا وَوَاضِحًا أَنَّ اَلِاسْتِقْرَارَ فِي اَلْمِنْطَقَةِ إِنَّمَا هُوَ بِخُرُوجِ اَلِاحْتِلَالِ مِنْهَا، وَوَقْفِ اَلْإِبَادَةِ اَلْجَمَاعِيَّةِ اَلَّتِي يَرْتَكِبُهَا اَلْكَيَانُ اَلصَّهْيُونِيُّ فِي غَزَّةَ، وَلَا يَخْفَى أَيْضًا أَنَّ اَلتَّطْبِيعَ وَإِبْرَامَ اَلِاتِّفَاقِيَّاتِ مَعَ هَذَا اَلْكَيَانِ وَتَمْكِينِهِ أَمْنِيًّا وَاقْتِصَادِيًّا وَسِيَاسِيًّا مُوجِبٌ لِزَعْزَعَةِ أَمْنِ اَلْمِنْطَقَةِ وَاسْتِقْرَارِهَا لِأَنَّ اَلشُّعُوبَ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَتَعَايَشَ مَعَ مَنْ يُرِيدُ لَهَا شَرًّا وَمَعَ كَيَانٍ أَرْعَنَ وَغَاصِب، غَرَضُهُ مِنْ اَلتَّطْبِيعِ سَرِقَةُ اَلْبُلْدَانِ وَخَيْرَاتِهَا وَالْقَضَاءُ عَلَى إِسْلَامِهَا وَتَرْوِيجُ اَلْبَاطِلِ فِي أَرْضِهَا، وَهَذَا مَا لَا يَتَحَمَّلُهُ أَوْ يَسْكُتُ عَنْهُ اَلْمُسْلِمُ اَلْغَيُورُ عَلَى دِينِهِ وَالْحَرِيصُ عَلَى وَطَنِهِ، بَلْ سَيَبْقَى مُجَاهِدًا وَمُقَاوِمًا حَتَّى إِنْهَاءِ هَذِهِ اَلِاتِّفَاقِيَّاتِ اَلْخَائِنَةِ، وَعَلَى اَلْأَنْظِمَةِ أَنْ تَنْصَاعَ إِلَى اَلشُّعُوبِ اَلْحُرَّةِ وَتَسْتَجِيبَ لِمَطَالِبِهَا، وَتُلْغِي جَمِيعَ اِتِّفَاقِيَّاتِهَا مَعَ اَلْكَيَانِ اَللَّقِيطِ لِيَعُمَّ اَلْأَمْنُ وَالْأَمَانُ فِي بِلادِنَا، وَهُنَا نَقُولُ لِشُعُوبِ اَلْمِنْطَقَةِ وَأَحْرَارِهَا «حَافِظُوا عَلَى اَلْقَضِيَّةِ اَلْأَسْمَى «فِلَسْطِينَ» وَنَاضِلُوا مِنْ أَجْلِهَا فَفِي حُرِّيَّتِهَا حُرِّيَّتُكُمْ مِنْ اَلْأَنْظِمَةِ اَلْعَمِيلَةِ اَلَّتِي تَحْكُمُ بُلْدَانَكُمْ».
اَلرِّسَالَةُ اَلرَّابِعَةُ لِشَعْبِ اَلْبَحْرَينِ اَلْعَزِيزِ:
أَبْنَاءَ شَعْبِنَا اَلْأَعِزَّاءَ، إنَّ مِنْ أَكْبَرِ اَلْجَرَائِمِ اَلَّتِي يَرْتَكِبُهَا اَلنِّظَامُ اَلْخَلِيفِيُّ اِعْتِقَالَ أَبْنَاءِ اَلْوَطَنِ أَوْ طَرْدَهُمْ وَإِسْقَاطَ جِنْسِيَّتِهِمْ وَاسْتِبْدَالَهِمْ بِأَجَانِبَ مِنْ بِيئَاتٍ مُعَادِيَةٍ لِكُلِّ اَلْقِيَمِ وَالْمَبَادِئِ اَلْمُجْتَمَعِيَّةِ اَلْمُتَأَصِّلَةِ فِينَا، وَهَذَا يُؤَدِّي إِلَى تَهْدِيدِ اَلنَّسِيجِ اَلِاجْتِمَاعِيِّ وَخَلْقِ أَزَمَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمُتَنَوِّعَةٍ فِي اَلْمُجْتَمَعِ، فَمِنْ أَزْمَةِ اَلْمَعِيشَةِ اَلَّتِي يُعَانِيهَا اَلشَّبَابُ اَلَّذِينَ تَدَنَّتْ أُجُورُهُمْ إِلَى أَدْنَى مُسْتَوَيَاتِهَا فَغَرِقُوا فِي ضَنكِ اَلْعَيْشِ وَفِقْدَانِ اَلْأَمَلِ بِمُسْتَقْبَلٍ مُشْرِقٍ، إِلَى أَزْمَةِ اِنْعِدَامِ اَلْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ اَلْمُرْتَبِطَةِ بِالْمُجَنَّسِينَ اَلْغُرَبَاءِ اَلْبَعِيدِينَ عَنْ رُوحِ اَلْمُوَاطَنَةِ، وَلَا تَنْتَهِي اَلْقَضِيَّةُ بِالْأَزْمَةِ اَلْأَخْلَاقِيَّةِ حَيْثُ اَلْفَوْضَى وَالِانْفِلَاتُ وَالْإِجْرَامُ مِنَ اَلْمُجَنَّسِينَ مَشْهُودَةٌ أَيْنَمَا وُجِدُوا، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ اَلْأَزَمَاتِ اَلَّتِي تُؤَثِّرُ فِي هُوِيَّةِ اَلْبِلَادِ عَلَى اَلْمَدَى اَلْبَعَيْدِ، فَلَا اِسْتِقْرَارَ مَعَ اَلتَّجْنِيسِ وَلَا سَلَامَ وَلَا أَمَانَ مَعَ اَلتَّطْبِيعِ ووَكَرُ اَلتَّجَسُّسِ يُدَنِّسُ عَاصِمَتَنَا، وَالْقَوَاعِدُ اَلْأَجْنَبِيَّةُ تَسْتَبِيحُ أَرْضَنَا، مِنْ هُنَا نَدْعُو، كَمَا فِي كُلِّ عَامٍ، وَبِمُنَاسَبَةِ «اَلْيَوْمَ اَلْوَطَنِيِّ لِطَرْدِ اَلْقَاعِدَةِ اَلْأَمْرِيكِيَّةِ مِنَ البَحْرَينِ» اَلَّذِي هُوَ أَوَّلُ يَوْمِ جُمُعَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ اَلْمُبَارَكِ إِلَى مُقَاوَمَةِ هَذَا اَلْوُجُودِ بِمَا يُتَاحُ لَكُمْ يَا أَبْنَاءَ شَعْبِنَا مِنْ وَسَائِلَ لِأَنَّهُ يُشَكِّلُ خَطَرًا حَقِيقِيًّا عَلَى اَلْبَلَدِ وَأَهْلِهُ، خُصُوصًا مَعَ اِقْتِرَانِ هَذَا اَلْوُجُودِ بِالتَّحَالُفِ مَعَ اَلْكَيَانِ اَلصَّهْيُونِيِّ اَلَّذِي لَا يَعْرِفُ دِينًا وَلَا أَخْلَاقًا وَلَا قَوَانِينَ عُرْفِيَّةً وَلَا مُعَاهَدَاتٍ دَوْلِيَّةً .
خِتَامًا نَقُولُ: شَهْرُ رَمَضَانَ، إِضَافَةً إِلَى أَنَّهُ شَهْرُ اَلْعِبَادَةِ وَالتَّقَرُّبِ مِنَ اَللَّهِ تَعَالَى وَالْعَمَلُ فِيهِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَلْفِ شَهْرٍ، هُوَ شَهْرُ اَلْجِهَادِ وَالْمُقَاوَمَةِ، وَالْمُسْلِمُ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ اَلْفَضِيلِ مُقَاوِمٌ لِعَدُوِّهِ اَلدَّاخِلِيِّ ذَاتِهِ اَلْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، وَلِأَعْدَائِهِ اَلْخَارِجِيِّينَ اَلَّذِينَ يُحَارِبُونَهُ فِي دِينِهِ وَحُرِّيَّتِهِ وَوُجُودِهِ وَهُوِيَّتِهِ.
نَسْأَلُ اَللَّهُ «عَزَّ وَجَلَّ» أَنْ يُبّلِغَنَا وَإِيَّاكُمْ شَهْرَ رَمَضَانَ اَلْمُبَارَكَ، وَيُوَفِّقَنَا لِصِيَامِهِ وَتِلَاوَةِ كِتَابَه، وَأَنْ يَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا فِيهِ، فَإِنَّ اَلشَّقِيَّ مِنْ حُرَمِ غُفْرَانَ اَللَّهِ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ اَلْعَظِيمِ.
رئيسُ مجلسِ الشّورى في ائتلافِ شبابِ ثورةِ 14 فبراير
11 مارس/ آذار 2024م