مقال: القياديّ الميدانيّ «أبو باقر البحرانيّ» نبض ثوريّ متجدّد
عمل النظام الخليفيّ، طيلة ثلاثة عشر عامًا، على توهين ثورة شعب البحرين بمختلف الوسائل والأساليب، بدءًا من تزييف حقيقتها الوطنيّة واتهام الخارج بالإشراف عليها، إلى قمع الشعب المطالب بحقوقه المشروعة بالقتل والاعتقال والتهجير وخنق المواطنين اقتصاديًّا واجتماعيًّا، إلى تسخير جسمه الإعلاميّ لضخ الأكاذيب والافتراءات، وأخيرًا الاستعانة بحلفائه عسكريًّا ولوجتسيًّا، وذلك محاولة منه لاستلاب مفهوم «الثورة الشعبيّة» وحرف الرأي العام الدوليّ عنها.
في مقابل كلّ ذلك لم تتوقّف الثورة التي اشتعلت شرارتها الأولى في 14 فبراير عام 2011، وظلّت مستمرّة، وإن مرّت بحالات مدّ وجزر حالها حال أيّ ثورة طالت سنينًا ولقيت من القمع الوحشيّ ما لقيته على يد النظام وأعوانه، لكنّها لا تزال حيّة في الداخل والخارج، ولا تزال المناطق والبلدات تشهد حراكًا ثوريًّا وفعاليّات متنوّعة، ولعلّ أبرز ما يسندها في ذلك هو دماء الشهداء وصمود القادة الرموز ونحو 1500 معتقل سياسيّ في السجون.
بينما كان شعب البحرين يخوض غمار ثورته بإصرار على تحقيق مطالبه «تقرير المصير، ونيل حقّه السياسيّ في كتابة دستور من ممثليه الشرعيّين، ورفض التطبيع مع الصهاينة» كان النظام الخليفيّ يزداد بعدًا وينغمس أكثر في المستنقع الأمريكيّ والصهيونيّ، وهو ما ثبّت المفاصلة بينه وبين الشعب نهائيًّا، ولا سيّما أنّه ظنّ بذلك اقترابه من خنق الشعب وإحكام سيطرته على حراكه؛ ليفاجأ بظهور القياديّ الميدانيّ «أبو باقر البحرانيّ» برسالة ناريّة للثوّار وشعب البحرين.
ملثّمًا بالكوفيّة العربيّة، تظهر منها فقط عيناه بنظرات ثابتة، ويرفع قبضته السمراء، وجّه رسالته الأولى لشعب البحرين «شعب الولاءِ والوفاءِ والفِداء»، مستهلًّا كلامه للثوّار «أصحابَ الهاماتِ والسّاحاتِ، أبطالَ الميادين والكرامات»، ليجدّد معهم العهد على المضيّ معًا على طريق الثورة مهما بلغت التّضحياتُ وزَادَت المؤامراتُ، فهم حماة الثّورةِ الأوفياء، لم تُرْهبْهم جُيوشُ الخليفيّين ومرتزقتُهم، وما هزّتهم قوّاتُ الدّرعِ الوهابيّةِ ولا طلائعُ الظّلامِ الإماراتيّة.
وللقائد المقاومِ آية الله الشّيخِ عيسى قاسم أكّد «أبو باقر» أنّ ثوّار البحرين ثابتونَ تحت قيادتِه الحكيمةِ المظفّرةِ، لن يَمسَّهم اليأسُ والخنوعُ والهَوَان، والشعب لن ينحَني ولو أُثْخِنَ بالجراحِ وتكالبت الأعداءُ عليه من كلِّ حَدْبٍ وَصَوْب، والثّوارُ رَهْنُ إشارتِه وطوْعَ أمْرِه قَولًا وفَعْلًا، سِلْمًا وَحَرْبًا، في الشّدةِ والرّخاء، يمضون حيث يمضي، ويخوضون معه كلّ السّاحات.. لا يُضْعِفُهم إرهابٌ المرتزقةِ والفَدَّاويةِ والصّهاينةِ وشيطانِهم الأمريكيّ المجرم، وهم صامدونَ على هُدَى المقاومةِ ومحورِها الشّريفِ وحتّى ساعةِ التحريرِ الكبرى.
والكلمة الأخيرة في رسالة «أبو باقر البحرانيّ» كانت للشعب، نقلها عن الثوّار، إذ جدّد الوفاء لأبناء هذا الشعب بالثبات على ميثاقِ اللؤلؤِ وعهْدِ الشّهداء بالدّماء وكلّ غالٍ ونَفَيس، والوفاء للقادة والرموز والمعتقلين الصّامدين في السّجون والشّهداءِ الأبرارِ والجرحى والمطارَدين والمبُعْدَين، والعائلاتِ المضحيّةِ وآباءِ وأمّهات ِالصّبرِ والشّهادة، فمعًا «باقون حتّى إسقاطِ النّظام، لا تراجعَ ولا تنازلَ، فالطّوفانُ بدأَ لا لِيَهْدَأ، بل هي ثورةٌ هادِرة لا تنحني ولا تنكسرُ ولا تُعْطِي إعطاءَ الذّليل، ولو تراكمت المعاناةُ والآلامُ والجراحات، فالرايةُ عاليةٌ عامِرةٌ وباقيةٌ حتى إسقاطِ الطّاغيةِ حمد وتقريرِ المصير».
وقبل أن يختم «أبو باقر» كلمته حذّر النظام الخليفيّ من أنّ زمن الكلامِ انتهى، وساعة الفصلِ والحسمِ آتيّةٌ وبسواعدِ الثّوارِ الحاضرين في كلِّ مكان، وبعزْمِ الشّعبِ وقائدهِ العظيم، مؤكّدًا أنّ مصير آل خليفة إلى زوالٍ مع حُماتُهم الصّهاينةُ والأمريكيّين والغزاةُ، ولن يكون للقواعد الأمريكيّة، ولا للسفارة الصهيونيّة في البحرينِ أيّ وجود.
ظهور «القياديّ أبو باقر» تلقّفه الشارع البحرانيّ بكلّ حماسة، فقد أعيد بثّ كلمته في العديد من الحسابات على مختلف وسائل التواصل الاجتماعيّ، بل استمرّت فعاليّات إحياء الذكرى الثالثة عشرة للثورة لعدّة أيّام بعد 14 فبراير في المناطق على الرغم من القبضة البوليسيّة التي شدّدها النظام الخليفيّ والاعتقالات والاستدعاءات ما يشي بأنّ هذا النظام سيعيد حساباته مجدّدًا تجاه ثورة شعب البحرين.