قال سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم إنّ يوم 14 فبراير هو يوم قضيّة وطنٍ وأمّة، وهو ليس يوم البحرين فقط، وإنما هو يومٌ للبحرين للصراع بين حقّها وباطلها، ويومُ أمّةٍ – أي يوم الصراع في إطار الأمّة بين الحقّ والباطل.
وتساءل سماحته في خطابه المركزيّ بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة للثورة، يوم الأربعاء 14 فبراير/ شباط 2024 قائلًا «مع هذا الواقع القائم والذي يزداد سوءًا من جانب سياسة الدولة، وظلمًا وتغريبًا وهزءًا بالإنسان، وإلغاءً للدين، وإسقاطًا للعزّة والكرامة، ويزداد نشرًا للفحشاء والمنكر، مع هذا الواقع القائم هل يصحُّ شرعًا وعقلًا ووجدانًا التوقف عن المقاومة؟ وهل للدولة أن ترتقب – وإن لجأت إلى أيّ وسيلةٍ من الوسائل- أن يصمت هذا الشعب ويركع لسياستها؟ وأن يمشي في طريق التيه والضلال والعمى وينفض يده من يد الله عزَّ وجلّ ليستمسك بسياسة الدولة الظالمة؟ مُحال».
وأكّد الشيخ قاسم أنّه ما دام الإنسان في البحرين بما يملكه من إنسانيّة وفطرة موجودًا فإنّ الحراك لن يتوقف، وعزيمة التغيير لن تنهزم ولن تتراجع، مضيفًا «لتفعل الدولة ما تفعل، وتكِد كيد الشيطان الرجيم فإنّ كيدها فاشل، وإنّ يوم التغيير ويوم الانتصار ويوم رجوع الكرامة وهيبة الإسلام وعبادة الله عزَّ وجلّ إلى أرض البحرين كما ينبغي، وانتشار الخُلق الإسلامي، وحصول الاستقلالية التامّة عن الفساد الأمريكي والإسرائيلي، والفساد الكفري في كلّ الأرض، هذا اليوم آتٍ آت ولن تصدّ عنه إن شاء الله الحيلُ الشيطانية ولا الدعم الأمريكي والإسرائيلي بكامله، وسيبقى شعب البحرين شعباً -وهم جزءٌ من أمةٍ كبيرة عزيزة مجيدة- ويرجع إلى غالب كلّ غالب، وإله كلّ مألوه، والقادر الوحيد الذي يقوم بقدرته كلّ الكون، بهذا اللحاظ كلّه لن ينهزم هذا الشعب ولن يتراجع ولن يتوقف عن يوم النصر وسيصل إليه إن شاء الله وبصورةٍ جليّة واضحة».
وشدّد سماحته على أنّ الإسلام يعني المقاومة والبناء، مقاومة كلّ شرّ ونقص وتخلّف وظلمٍ، وكلّ ما يضرّ بهذا الإنسان ويحطُّ من قدره، موضحًا أنّ الوظيفة المكلّف بها المسلومن هي المقاومة والبناء، وهي تطلّب الصبر والبذل، وألا يتوقع الراحة في الجهاد وفي المقاومة وفي بناء الذات، وألّا يتمنّى الإنسان نصرًا وإن كان قليلًا وهو لا يستطيع أن يصل إلى درجة من الخروج من النقص إلا ببذلٍ وتضحيةٍ وصبر.
وقال إنّ طوفان الأقصى بدأ لا ليتراجع، بدأ ليتعاظم لا ليتناقص، بدأ ليقوى لا ليضعف، بدأ ليواصل زحفه وتدميره للعدو ولكلّ باطلٍ في الأرض، بدأ هذا الطوفان بنيّة أن يتصحح الإنسان كلُّ إنسان، وأن تتصحح كلّ أوضاع الأرض، وألّا يكون ظلمٌ في الأرض، وهو طوفان ممتدٌّ إلى يوم القائم «عجّل الله تعالى فرجه» الذي يتمّ على يديه النصر الكامل ويُمحق الباطل ويظهر الباطل وتنتصر الإرادة الإيمانية ويعزُّ إنسان الإيمان.
ووصف سماحته طوفان الأقصى بأنّه بداية صعبة، وبداية جريئة لجهادٍ مستميت وعظيم ويقوم على أساس تضحياتٍ ضخمة ومحنٍ عظمى، منوّهًا إلى أنّ كلّ أفراد الأمة وبقدر كلّ واحدٍ منهم هو مسؤولٌ عن استمرار هذا الطوفان والدفع به بدرجةٍ أكبر وأكبر، وليس لأحد عذرٌ وهو قادر على الانتصار لطوفان الأقصى ولغزّة والقدس ولجميع الأمّة الإسلامية ولو بقدرٍ يسير أن ينعدل عن المعركة.
ورأى الشيخ قاسم أنّ التطبيع تحالف مع الكافر ضدّ الإسلام والمسلمين، هذا ملخصه، وهو يساوي تحالفًا ضدّ الإسلام والمسلمين والكرامة الإنسانيّة، داعيًا المسلمين إلى أن يكونوا جندًا مقاومين للتطبيع لأنّه أسس ليطيح بالإسلام والمسلمين وبالإنسانية نفسها.
ولفت إلى أنّ الموقف العملي من التطبيع هو الموقف نفسه من الهجوم على غزة، وتدمير فلسطين، وقتل المئات يوميًّا، والعدد لا يتوقف عند حدّ، والكوارث والآلام والنفسيات المحطمة، هذا لا يتوقف وكلّه مصائب يُحمّل الإسلام المسلمين بذل كلّ جهدٍ في توقّف مدّها، وأضاف سماحته « فالشعوب مسؤولة عن الانضمام إلى محور المقاومة في الدفاع والكفاح والبذل والتضحية والمشاركة في الآلام المحرِّكة للموقف العملي، إذا اجتمعت كلمة شعوب الأمّة على أن تخرج، على أن تهرب أو تسقط الدولة اليهوديّة الصهيونيّة وتغادر أرض فلسطين فإنّ ذلك ليس بعسيرٍ بإذن الله تبارك وتعالى».
وعن انتصار الثورة الإسلاميّة قال الشيخ قاسم إنّه لو عرفت الأمّة قيمة الإمام الخمينيّ «أعلى الله مقامه»، وقيمة ثورته ودولته لأقامت علاقات على الأقل قويّة معها، واستلهمت منهجها، وأقامت علاقات إيجابيّة مع هذه الدولة، واستفادت منها، مضيفًا «تبيّن واضحًا جدًّا أنّ الثورة معطاءة قديرة حكيمة، طريقها طريق انتصار، الدولة دولة نموّها سريع برغم كلّ التحديات والصعوبات والمقاطعة، واجتماع الحرب على الدولة الإسلامية من قبل أبناء الأمة وقسمٌ من أبناء الشعب الإيراني، واجتماع كلمة الكفر في الغرب، رغم كلّ ذلك، والنمو مطّرد ليس في بُعدٍ واحد، في البعد الإنساني وما ينتجه نضج البعد الإنساني، وكلّ الأرض وإعمارها قائم على حياة البُعد الإنساني، لو ارتبطت هذه الدول بهذه الدولة المباركة، واحتضنتها كما أرادت الدولة أن تحتضن القضايا الإسلاميّة والأمّة الإسلاميّة لتغيّر واقع الأمّة كلّها في هذه السنوات تغيّرًا هائلًا جدًّا بحيث يُفقد إسرائيل ومن وراءها أمل البقاء، وتيأس وتتراجع ولا يرتفع لها صوت وتضؤل سريعًا حتى يذوب وجودها وتطهر الأرض الإسلاميّة من فيئها».
وشدّد سماحته على أنّ النصر الإلهي للإمام الخمينيّ «أعلى الله مقامه» وما أنتجه هذا النصر من قيام الدولة الإسلاميّة هو نعمةٌ ليست لإيران فقط، إنما نعمة للأمّة بكاملها، وهذا الطريق فُتِح، وعلى المسلمين أن يستفيدوا من هذا الطريق، لكنّهم عادوا الثورة وعادوا الدولة ولا تزال العداوة عند الكثيرين قائمة لهذه الدولة المباركة، ولو تأخّر النصر فهو تأخّرٌ بفعل هذا الإنسان المسلم مع الأسف الذي لو رجع إلى إسلامه وإلى القيادة الرشيدة التي مثّلها الإمام الخميني ومن بعده الإمام الخامنئي لَتَغيَّر وضع الأمّة كثيرًا، وفق تعبيره.