عشر سنوات مضت منذ أن عاد القياديّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير «السيّد علي الموسوي (أبو هادي)» للمرّة الأخيرة إلى وطنه حيث احتضنه تراب مسقط رأسه بلدة سار «شهيدًا».
كان الشهيد مناضلًا ثوريًّا في انتفاضة الكرامة في التسعينيّات فلاحقه النظام الخليفيّ واعتقله وأذاقه أنواع التعذيب، ولم يزده ذلك إلا عزمًا على المواصلة، ليعود في ثورة 14 فبراير عام 2011 بدورين: علنيّ حيث كان منبرًا إعلاميًّا جريئًا وشجاعًا ينقل ما حاول النظام إخفاءه من حقيقة ما كانت قوّاته وأجهزته تقترفه بحقّ الشعب والثوّار من جرائم وانتهاكات، فكان يفضحه في المحافل الدوليّة ويبرز زيف ما يدّعيه من قانونيّة أفعاله بحقّ الثوّار.
والدور الثاني وهو ما كان في السرّ: قياديّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير الذي ولد آنذاك من رحم الثورة، فكان يعمل على تمتين أسسه مع رفاقه لينطلق الائتلاف قويًّا في درب النضال الشعبيّ والثوريّ.
خسر النظام الخليفيّ معركته أمام أبو هادي الإعلاميّ الذي ظلّ ينقل الأخبار والتقارير من ساحات الثورة غير مبالٍ بتهديداته، وكان يعمل مراسلًا لقناة العالم الإخباريّة في ظروف أمنيّة صعبة، ينقل الصورة كما هي، وأبى أن يترك وطنه ويهاجر بالرغم من عروض الهجرة وطلبات اللجوء السياسيّ التي انهالت عليه، إلى أن ارتفع مستوى التهديد إلى القتل والتصفية ما لم يغادر، فرأى أن يهاجر ويكمل مشروعه في مهجره حيث تنقّل بين العراق وإيران ولبنان؛ ولم يتراجع عن فضح النظام وجرائمه فوضعه النظام على لوائح المطلوبين على خلفيّة تهم كيديّة ملفّقة منها «التخطيط لارتكاب عمليّات إرهابيّة، واستقطاب عدد من الأشخاص، وتشكيل جماعة منظّمة تعمل على تهريب الأسلحة والمتفجّرات بأنواعها إلى البحرين»، بحسب ادّعاء محاكمه غير الشرعيّة.
لم يترك الشهيد «أبو هادي» الثورة عل الرغم من تدهور وضعه الصحيّ واشتداد مرضه، وقسوة الغربة وفراق الأحبّة، فهو قد نذر عمره للنضال والجهاد من أجل قضايا الشعب والوطن، حتى قضى شهيد الغربة بعيدًا عن أهله ووطنه في مدينة النجف الأشرف في 6 فبراير/ شباط 2014، ملتحقًا بركب الشهداء القادة والمجاهدين الأبطال الذين لم يتخاذلوا يومًا عن تأدية واجبهم الثوريّ وتكليفهم الشرعيّ.
يوم الخميس 20 فبراير 2014 انتصر الشهيد مرّة جديدة على النظام الخليفيّ، إذ عاد إلى ربوع الوطن رغم أنفه، وعادًا بطلًا تاريخيًّا شيّعه الآلاف من الأحبّة والثوّار الذين عاهدوه على مواصلة مسيرته، متحدّين استنفار مرتزقة العدوّ الخليفيّ لقمعهم ومنعهم من التشييع، ونعته قوى المعارضة البحرانيّة والأساتذة والطلّاب البحرانيّين في الحوزة العلميّة في قم المقدّسة، وناشطون على وسائل التواصل الاجتماعيّ، ليبقى «أبو هادي» حيًّا في نفوس أبناء شعب البحرين، وشعلة للثورة لا تنطفئ.