يسعى النظام الخليفيّ، ومنذ ما قبل إشهاره التطبيع مع الكيان الصهيونيّ، إلى طمس الهويّة الدينيّة الأصيلة للبحرين، بدءًا من محاربته مذهب الأكثريّة فيها، والمثبت تاريخيًّا بالوثائق والشواهد، إلى محاولاته إسقاط التنوّع الدينيّ الغريب عن البلاد تحت ذريعة التعايش «السلميّ» بين الأديان.
لا تزال عمليّات هدم مساجد الشيعة منذ العام 2011 ومنع إعادة إعمارها، ومحاربة الشعائر الإسلاميّة وخاصّة في موسم عاشوراء حاضرة في الأذهان، وبين الفينة والأخرى يرمي النظام عبر إحدى أدواته مقترحًا بتغيير عطلة يوم الجمعة وجعلها يوم الأحد، لتكون العطلة الرسميّة في البلاد يومي السبت والأحد.
المعروف عالميًّا أنّ يوم الجمعة هو عيد أسبوعيّ للمسلمين، له خاصّية دينيّة وعباديّة واجتماعيّة ينفرد فيها عن باقي الأيّام، والسبت عطلة اليهود، والأحد عطلة المسيحيّين، ما يشي بأنّ النظام الخليفيّ المتماهي بالتعايش السلميّ بين الأديان على استعداد بالتفريط بعيد المسلمين كرمى لأصدقائه الصهاينة والمسيحيّين، بعدما كثروا في البلاد نتيجة استقدامهم تحت مسمّيات عدّة في طليعتها العسكريّة.
هذا المقترح المستهجن صدر عن واحد من النوّاب الصوريّين؛ قدّمه وفق رؤيته ليكون متناسبًا مع النّظام الاقتصاديّ العالميّ، حيث إنّ الاستثمار سيكون له أبعاد فعّالة للتأثير على التنمية ابتداءً من الساعة الماليّة ولا سيّما في التوجّه إلى التوسّع في حركة البورصة البحرينيّة، وفق كلامه، وهو ما لقي رفضًا واسعًا بين العلماء والنخب والشعب، فرئيس المجلس الإسلاميّ العلمائيّ «سماحة السيّد مجيد المشعل» قال إنّه لا يشترط فهم الاقتصاد وأسواق المال، فالذي يفهمه الجميع أنّ الحفاظ على الهويّة الدينيّة للشعب وإرثه الإسلامي-ومنه يوم الجمعة سيّد الأيّام وعيد للمسلمين-أولى من بعض الفوائد الاقتصاديّة إن كانت.
وتساءل «سماحة الشيخ علي الصددي» كيف يمكن اجتماع المؤمنين في هذا اليوم إن كان يوم عمل، ولماذا يتنكّر المسلمون لعيدهم؟ بينما النصارى ما تركوا يوم عيدهم رغم علمانيّتهم، مؤكّدًا أنّ إلغاء عيد المسلمين هو على خلاف دين الله سبحانه.
وقال «الشيخ فاضل الزاكي» إنّ يوم الجمعة عيد المسلمين بالروايات المعتبرة عند الشيعة والسنّة. ومقترح استبدال عطلة الجمعة بالأحد سيتبعه لاحقًا وعما قريب مقترح آخر بالاكتفاء باحتفالات أعياد الميلاد وإلغاء العطلة في عيدي الفطر والأضحى، وذلك للتوافق مع النظام الاقتصادي العالمي، وفق تعبير سماحته.
وأضاف أنّ بعضهم مستعدّ للتخلي عن الجمعة عيد المسلمين للتوافق مع النظام الاقتصاديّ العالميّ، ولكنّه لا يرى أيّ مشكلة في البرلمان الصوري المنزوع الصلاحيّة، متسائلًا: هل البرلمان بهذه الصلاحيّات الهزيلة والمخزية يتوافق مع الأنظمة السياسيّة في بلاد الغرب؟
أمّا خطيب الجمعة «سماحة الشيخ محمد صنقور» فقد استنكر المُقترَح المستهجَن دينيًّا وشعبيًّا من جعل الأحد بدلًا من يوم الجمعة عطلةً رسميَّة، وقال إنّ هذا المقترح لا يعدو التنكّرَ عن قصدٍ أو غيرِ قصد لهويَّة البلد الدينيَّة والارتهان للأعراف الغربيَّة، والتي – بالمناسبة – لم تقبلْ التخلِّي عن اعتمادِ الأحد عطلةً رسميّة انسياقًا مع الدين الذي تُؤمن به شعوبُها.
لم يقف الاستنكار عند الشيعة فحتّى السنّة رفضوا هذا الاقتراح جملة وتفصيلًا حيث قالت جمعيّات «المنبر الوطنيّ الإسلاميّ» و«الأصالة الإسلاميّة» و«تجمّع الوحدة الوطنيّة» في بيانٍ مشترك، إنّ المجتمع البحرينيّ المحافظ على دينه وثوابته فوجئ بطلب بعضهم نقل إجازة الجمعة إلى يوم الأحد.
ورأت هذه الجمعيّات أنّ مثل هذه التّصريحات مبنيّة على قلّة الفهم وضعف البصيرة والحُجج الوهميّة، وفي عصر التقنيّة الذي يتمّ فيه معظم المعاملات الماليّة العالميّة بضغطة زرٍّ واحدة، دون الحاجة إلى تغيير إجازة يوم إلى آخر.
وأكّدت موقفها المستنكر هذا الاقتراح قائلة إنّ دعوة بعض الجهات إلى إلغاء إجازة يوم الجمعة وتحويلها إلى يومٍ آخر أمر غريب ومُستنكر، يتنافى مع روح الشّريعة الإسلاميّة والمقاصد الشّرعيّة والأعراف البحرينيّة، وليس فيه أيّ مصلحة ولا منفعة، بل هو متجرّد عن المصلحة والضّرورة الشرعيّة.