وقد تناول الدكتور اللقيس في هذا اللقاء التاريخ الحديث والمعاصر للجمهوريّة العربيّة السوريّة، والتغيّرات السياسيّة والاجتماعيّة التي شهدتها البلاد حتى اندلاع أحداث العام 2011م، وأوضح أنّ ثمّة طبقات متعدّدة تمثّل المجتمع السياسيّ والاجتماعيّ في سوريا، ولا سيّما على مستوى التركيبة الإثنيّة والمناطقيّة والمذهبيّة، لكن هناك أيضًا مركزيّة للمدن الرئيسة في سوريا، وخاصّة العاصمة دمشق، حيث مثّلت هذه المدن العنوان الأساسيّ لأكثر أنماط الصراع والتحوّلات التي شهدتها البلاد خلال العقود الأخيرة حتى اليوم.
وأشار الدكتور اللقيس إلى أنّ العنوان الإثنيّ والمذهبيّ ليس أساسيًّا في المخيال السياسيّ العام لدى السوريّين، وأنّ العنوان الذي أفرزه الصراع بين المدن والأرياف كان هو المؤشّر الأساسي الذي عبرت عليه التحوّلات الأساسيّة التي شهدتها سوريا في العصر الحديث والمعاصر، لافتًا إلى أنّ هناك فوارق ظاهرة عكستها ثنائيّة المدينة والريف، وكان لها الأثر المباشر في السلوك السياسيّ الذي واكبته البلاد خلال مرحلة الرئيس السابق «حافظ الأسد» على وجه الخصوص، وهي المرحلة التي كرّست المعادلات الجديدة التي حكمت سوريا بعد إحداث جذريّ في موازين القوى، وما حصل من أدوار عكسيّة لصالح الريف والمؤسّسة العسكريّة التي شكّلت القطب الأساسي في إدارة الواقع السياسيّ حتى اليوم، وبمعاضدة من المؤسّسة الحزبيّة التي يمثّلها حزب البعث.
وذكر اللقيس أنّ المواقف الخاصّة التي عبّرت عنها سوريا في مرحلة الرئيس الأسد الأب أسهمت في تكريس المنهج الأساسيّ والثابت الذي ارتبط بصيغة الحكم القويّ في البلاد، ولا سيّما على صعيد إدارة الصراعات الداخليّة، ومركزيّة الحكم، وفي تحديد أنماط العلاقة مع الدول المحيطة ومع الكيان الصهيونيّ، وصولًا إلى جعل سوريا محورًا أساسيًّا في القضايا الإقليميّة والدوليّة، وتعزيز قدرتها على إدارة الأوراق المعقّدة في المنطقة.