عشرات الشبّان أوقفوا في مراكز التحقيق لأيّام وأسابيع، أفرج لاحقًا عن بعضهم، وآخرون نقلوا إلى المعتقلات، ولا يزالون يحاكمون، لا لجريمة اقترفوها بل لنصرتهم فلسطين ودفاعهم عن شعبها واستنكارهم جرائم الكيان الصهيونيّ في عدوانه الهمجيّ الذي يهدف إلى إبادة شعب غزّة بأكمله.
اللافت كذلك إقدام النظام الخليفيّ على توقيف المحقّق والباحث التاريخيّ صاحب مدوّنة «سنوات الجريش»، الأستاذ «جاسم حسين آل عباس»، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 لمدّة أسبوع كامل، وذلك بتهمة كيديّة «الطّعن في الثوابت الدينيّة والوطنيّة للمجتمع البحرينيّ، وترويجه معلومات تاريخيّة مغلوطة من شأنها إثارة الفتنة في المجتمع وتهديد السّلم الأهلي»، بحسب زعم وزارة الداخليّة الخليفيّة في بيانٍ عبر موقعها الإلكترونيّ، وهي تهمة تعود إلى محاضرة ألقاها قبل أكثر من سنة ونصف وقدّم فيها قراءة موضوعيّة لتاريخ البحرين وفق دراسات أجراها بكلّ موضوعيّة ومن دون شخصنة.
وقد جاء هذا الاعتقال في وقت نشط فيه المحقّق آل عباس بنشر مقاطع مناصرة للقضيّة الفلسطينيّة وجرائم الاحتلال الصهيونيّ في «قطاع غزّة»، من خلال حسابه «سنوات الجريش» على مِنصّات متعدّدة، وأبرزها «منصّة إنستغرام» الذي يتابعه أكثر من «300 ألف» متابع، وهو أمر يثير التساؤل حول الغاية الخفيّة والحقيقيّة من اعتقاله.
ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير رأى آنذاك في بيان لمركزه الإعلاميّ، أنّ هذا التصنيف الذي يعتمده النظام بإلصاق التهم من هذا النوع بأشخاص دون أشخاص، هو تصنيف طائفيّ وعدم حياديّ، وهو ما يؤكّده اليوم «معاقبة» النظام لصهيونيّ موجود في البحرين تبجّح علنًا بدعمه العدوان على غزّة.
فقد ذكرت ما تسمّى «مكافحة الجرائم الإلكترونيّة» أنّها استدعت مستثمرًا يحمل جنسيّة أجنبيّة – تحفّظت هنا على ذكر جنسيّته – إثر كتابته عبارات «مستفزّة» للشارع البحرينيّ على وسائل التواصل الاجتماعيّ، وقد تمّ «اتخاذ الإجراءات القانونيّة اللازمة بحقّه» – لا توضيح لهذه الإجراءات-.
هذا المستثمر الذي استدعي لـ«يحاسب» وفق منظور النظام الخليفيّ، يدعى «عامي ماروم»، بحسب ما ذكره ناشطون بحرانيّون، وقد بارك الاعتداءات والقصف الصهيونيّ الوحشيّ على غزّة وقتل الفلسطينيّين، ونشر تعليقًا على صورة للأسرى الفلسطينيّين قائلًا: «لا تعبث معنا».
وسبق لماروم أن استفزّ مشاعر البحرانيّين حيث التقط صورًا أمام مقرّ الجمعيّة البحرينيّة لمقاومة التطبيع بعد توقيع النظام اتفاقيّة التّطبيع مع الكيان الصهيونيّ عام 2020.
هي سياسة النظام الخليفيّ «الكيل بمكيالين» المطعّمة بـ«طائفيّة» سوداء..