سماحة الشيخ «عبد الأمير الجمري»، الذي تحلّ ذكرى رحيله السابعة عشرة في 18 ديسمبر/ كانون الأوّل 2023، هو الأب الروحيّ لـ«انتفاضة الكرامة» في التسعينيّات، برز بقوّة في نضاله وإصراره على المطالبة بحقّ الشعب في تقرير مصيره.
فمن هو الشيخ الجمريّ الذي ترك بصمته الخالدة في حراك شعب البحرين؟
الشيخ «عبد الأمير الجَمْرِي» عالم بحرانيّ جليل، وُلد في بلدة بني جمرة عام 1937، حيث ترعرع ودرس دراسته الرسميّة والحوزويّة قبل أن ينتقل إلى النجف الأشرف عام 1962 ليكمل علومه الدينيّة، فدرس عند السيّد أبي القاسم الخوئيّ والسيّد محمد باقر الصدر (ره).
بعد نحو 12 عامًا في الغربة، رجع إلى البحرين عام 1973 ليترشّح لعضويّة المجلس الوطنيّ نزولًا عند رغبة الشعب، وفاز بأعلى نسبة من الأصوات، وفي العام 1977 عُيّن قاضيًا في المحكمة الكبرى الشرعيّة (الدائرة الجعفريّة)، ليُقال عام 1988 على خلفيّة سياسيّة وبسبب مواقفه الجريئة والشجاعة، ويبدأ مسلسل الاعتقالات والاستدعاءات الطويل.
في العام 1992 شارك الراحل في إعداد العريضة النخبويّة المطالبة بالإصلاحات الدستوريّة، ودعا عام 1994 إلى التوقيع على العريضة الشعبيّة، ليقود بعدها الحراك الجماهيريّ الشعبيّ مع انطلاقة شرارة «انتفاضة الكرامة».
لم ينجح النظام في التأثير في سماحته أو جعله يعدل عن مواقفه، فلجأ إلى حصاره في أبريل 1995وفرض الإقامة الجبريّة عليه لمدّة أسبوعين، ثم أقدم على نقله إلى المعتقل وأفرج عنه في 25 سبتمبر من العام نفسه.
في يناير 1996 أعيد اعتقاله مرّة ثانية ووضع في الانفراديّ لأكثر من تسعة شهور ثم نقل إلى سجن مراقب، لتشتدّ الاضطرابات في البلاد ويتوسّع الغضب الشعبيّ، حتى قدّم للمحاكمة في يوليو 1999 حيث حكم عليه بالسجن 10 سنوات.
أُفرج لاحقًا عن سماحته، ولكن مع بقائه تحت الإقامة الجبريّة حتى العام 2001، ما أدّى إلى مرضه الذي تفاقم بسبب هذا الحصار وأدّى إلى وفاته، فرحل «القائد الكبير الجمريّ» بعد مسيرة طويلة من النضال الوطنيّ في 18 ديسمبر/ كانون الأوّل 2006، وظلّ شعاره «نحن أصحاب قضية» حاضرًا في كلّ نضال عرفه الشارع البحرانيّ.