لم يكن مستغربًا موقف النظام الخليفيّ المطبّع مما يجري في غزّة إذ كان يكيل بمكيالين، بل يلمّح إلى تحميل حركة حماس المسؤوليّة كاملة، وذلك لأنّ الأنظمة العربيّة المطبّعة، ومنها هذا النظام، تلقّت صدمة كبيرة بانتصار المقاومة على الكيان الغاصب الذي كان يوهمها بقدرته على حمايتها من الشعوب الرافضة للتطبيع ويحافظ على عروشها.
وفي هذا السياق جاء تصريح المدعوّ رئيس وزراء النظام «سلمان حمد الخليفة» الذي وصف عمليّة «طوفان الأقصى» التي بدأت في 7 أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي بـ«البربريّة»، معربًا عن إدانته لها وأيضًا لما أسماه الحملة العسكريّة الجويّة «الإسرائيليّة» على قطاع غزّة.
وقال سلمان في الكلمة الافتتاحيّة لـ«حوار المنامة»: «من الصعب الحديث عن الأوضاع في غزّة لكنّه لا يمكن أن يكون أكثر صعوبة من العيش تحت القصف المستمر في القطاع، فالقرآن الكريم والتوراة وجميع الكتب السماويّة حرّمت قتل المدنيّين والأبرياء».
وأضاف: «أعتقد أنّ الطرفين لم يلتزما بهذه التعاليم، لذلك أرى أنّ علينا أن ندين الطرفين، فأنا أدين حماس بشكل لا لبس فيه وهذا يدلّ على أنّني أقف في صف المدنيّين الأبرياء وليس في صف المواقف السياسيّة».
وتابع: «هجمات 7 أكتوبر كانت بربريّة ومروّعة وعشوائيّة، لقد قتلوا النساء والأطفال وكبار السنّ، واستهدفوا منشآت مدنيّة ومواقع عسكريّة، وفوق كلّ ذلك يبدو من المقبول الآن أن تختطف رهائن وتذهب بهم بعيدًا وتتحدّث عن الأمر في سياق حرب جارية، هذا أمر مدان بالنسبة لنا وقد قمنا بإدانته في 8 أو 9 أكتوبر/ تشرين الأوّل، حسبما أعتقد».
ثمّ أردف الخليفة: «الآن… إسرائيل… أدين الحملة العسكريّة الجويّة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 11 ألف شخص في غزّة، 4 آلاف و700 منهم من الأطفال، واضعًا في كفتي ميزانه هجمات حماس والحملة العسكريّة الصهيونيّ: «كلا هذين التصرفين تسببا بمقتل الأبرياء ولم يساهما بالحفاظ على أرواح البشر»، مطالبًا بوقف عجلة العنف وبأن تفرج حماس عن الرهائن وأن يطلق الصهاينة سراح السجناء من النساء والأطفال لديهم.
كلام سلمان حمد لقي شجبًا واسعًا من محور المقاومة بدءًا من المجلس السياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير الذي أدانه بأشدّ العبارات واصفًا إيّاه بالمتصهين الذي وصفَ عمليّة «طوفان الأقصى» البطوليّة بأنّها عملٌ «همجيّ وبربريّ»، وأبدى دعمه للموقفِ الصّهيوني بتسليم الأسرى في غزّة من دون مقابل، كما عدّ ما يجري في فلسطين المحتلّة بأنّه دوّامة من «العنف»، من غير الإشارةِ إلى جرائم الإبادةِ الجماعيّة التي يرتكبها الصّهاينة في غزّة الأبيّة منذ أكثر من أربعين يومًا.
ورأى المجلس السياسيّ أنّ هذا الموقف تعبيرٌ حقيقيّ عن ارتباط النظام الخليفيّ بالمشروع الصّهيونيّ الأمريكيّ الرّامي إلى الهيمنةِ على شعوب المنطقة، وإدماجها في المحور الاستعماريّ المتوحّش.
هذا وصدرت عن المعارضة البحرانيّة مواقف مستنكرة لهذا التصريح والتي أكّدت من خلالها براءة الشعب منها وتمسّكه بالقضيّة الفلسطينيّة ورفضه التطبيع.
وندّدت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين بتصريحات ابن حمد التي عدّتها سقوطًا جديدًا في وحل الخيانة والعمالة، مستنكرة إدانته «حماس والمقاومة» وتبنّيه الرواية الصهيونيّ بالكامل ليعطي «إسرائيل» تبريرًا بارتكاب إبادتها بقطاع غزة.
في المقابل لقيت هذه التصريحات احتفاء كبيرًا في الشارع الصهيونيّ الذي رأى أنّها تعكس الصورة الحقيقيّة لنظام آل خليفة المطبّع، والذي تخلّى عن القضيّة الفلسطينيّة لصالح أصدقائه الصهاينة.