رأى الأمين العام لحزب الله «سماحة السيد حسن نصر الله» أن لا معركة كاملة الشرعيّة من الناحية الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة كمعركة قتال الصهاينة، وهذه المعركة لا غبار عليها على كلّ المستويات وهي من أوضح مصاديق القتال في سبيل الله وأبينها.
وفي كلمته خلال الاحتفال التكريميّ الذي نظّمه حزب الله لشهدائه الذين ارتقوا على طريق القدس، يوم الجمعة 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، حيّا الشعب الفلسطينيّ وأهل غزّة الصامدين، وكلّ الذين تضامنوا معهم وساندوهم ودعموهم على مستوى العالم من دول عربيّة وإسلاميّة وأمريكا اللاتينيّة، خاصًّا بالذكر السواعد العراقيّة واليمنيّة التي دخلت إلى قلب هذه المعركة.
وتناول سماحة السيّد نصر الله الأسباب البعيدة والقريبة لانطلاقة عمليّة «طوفان الأقصى»، من معاناة الشعب الفلسطينيّ منذ أكثر من 75 عامًا، والتي زادت مع الحكومة الحاليّة «الحمقاء والغبيّة والمتوحشة»، والتي شدّدت على الأسرى مما جعل الوضع الإنسانيّ سيّئ جدًّا، والظروف المعيشيّة الصعبة التي يعيشها أكثر من مليوني مواطن في غزة منذ قرابة عشرين عامًا، وازدياد سياسة العدوّ صلافة وطغيانًا وقهرًا، ووصول المخاطر إلى الضفّة في ظلّ مشاريع الاستيطان الجديدة.
وأكّد سماحته أنّ «عمليّة طوفان الأقصى العظيمة والمباركة كان قرارها وتنفيذها فلسطينيًا مئة بالمئة، وأخفاها أصحابها عن الجميع حتى عن فصائل المقاومة في غزّة، وأن سرّية العمليّة المطلقة هي التي ضمنت نجاحها الباهر من خلال عامل المفاجأة، وأنّ هذا الإخفاء لم يزعج أحدًا في فصائل المقاومة على الإطلاق، بل أثنوا عليه جميعًا وليس له أي تأثير سلبي على أيّ قرار يتخذه فريق أو حركة مقاومة في محور المقاومة»، مشدّدًا على أنّ هذا الأداء من حماس ثبّت الهوية الحقيقيّة للمعركة والأهداف وقطع الطريق على الأعداء لأن يزيّفوا وخصوصًا عندما يتحدثون عن علاقات فصائل المقاومة الإقليميّة، مضيفًا «ما حصل في طوفان الأقصى يؤكّد أنّ إيران لا تمارس أيّ وصاية على الإطلاق على فصائل المقاومة، وأنّ أصحاب القرار الحقيقيّين هم قيادات المقاومة ومجاهدوها».
ولفت إلى أنّ العمل الكبير والعظيم في طوفان الأقصى أدى إلى حدوث زلزال على مستوى الكيان الصهيوني أمنيّ وسياسيّ ونفسيّ ومعنويّ، وكانت له تداعيات وجوديّة واستراتيجية وستترك آثارها على حاضر هذا الكيان ومستقبله، كما أنّ هذه العمليّة كشفت الوهن والضعف في الكيان وأكّدت بحقّ «أنّه أوهن من بيت العنكبوت».
وعن التدخّل الأمريكيّ ودعمه اللامطلق للكيان الصهيونيّ قال سمحته إنّه جاء عبر الإدارة الأمريكيّة برئيسها ووزرائها وجنرالاتها لتمسك بهذا الكيان الذي كان يهتز ويتزلزل، من أجل أن يستعيد بعض وعيه ويقف على قدميه من جديد، وهو لم يتمكن حتى الآن من استعادة زمام المبادرة، بل يتصرّف بكلّ جنون وضياع، فهو يقتل الأطفال والنساء من المدنيّين ولا توجد حرمة لشيء، وهو يدمّر أحياء بكاملها، من دون أن ينجح في كسر صمود الأهالي المتمسّكين بالمقاومة.
وأكّد السيّد نصر الله أنّ «شهداء غزة وأطفالها والنساء اليوم يكشفون كلّ هذه الأقنعة الكاذبة التي أسهمت وسائل إعلام عالمية ودولية بالتغطية عن هذا الكيان، وما يحصل في غزة يكشف المسؤوليّة الأمريكيّة المباشرة عن كلّ هذا القتل والنفاق الأميركي، وهو يعكس الطبيعة المتوحشة والهمجية للكيان الغاصب الذي زرعوه في المنطقة، كما أنّ مشاهد المجازر الآتية من قطاع غزّة تقول لهؤلاء الصهاينة إنّ نهاية المعركة ستكون انتصار غزة وهزيمة العدو».
وقال سماحته إنّ «أمريكا هي المسؤولة بالكامل عن الحرب الدائرة في غزة وإسرائيل هي أداة، فأمريكا هي التي تمنع وقف العدوان على غزة وترفض أي قرار لوقف إطلاق النار، والأمريكي هو الذي يدير الحرب في غزة، لذلك أتى قرار المقاومة الإسلامية في العراق بمهاجمة قواعد الاحتلال الأمريكية في العراق وسوريا، وهو قرار حكيم وشجاع».
وأكّد أنّ انتصار غزة يعني انتصار الشعب الفلسطيني وانتصار الأسرى في فلسطين وكل فلسطين والقدس وكنيسة القيامة وشعوب المنطقة وخصوصًا دول الجوار، كما أنّ مصلحة وطنيّة مصريّة وأردنيّة وسوريّة وأولًا وقبل كلّ الدول هو مصلحة وطنيّة لبنانيّة.
ونوّه سماحته إلى أنّ المسؤوليّة تقع على الجميع في كلّ العالم، وعلى الدول العربية والإسلامية أن تعمل على وقف العدوان على غزة، مشيرًا إلى أنّ «البيانات والتنديدات لا تكفي وفي الوقت نفسه يتم إرسال النفط والغذاء إلى إسرائيل، بل على الحكومات العربيّة والإسلاميّة العمل من أجل وقف إطلاق النار وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان، وسحب السفراء».
وأشاد السيّد نصر الله بالموقف اليمنيّ الذي «على الرغم من كلّ التهديدات قام الشعب اليمنيّ بعدة مبادرات وأرسل صواريخه ومسيّراته حتى لو أسقطوها، لكن في نهاية المطاف ستصل هذه الصواريخ والمسيّرات إلى إيلات وإلى القواعد العسكرية الاسرائيلية في جنوب فلسطين».
وأضاف سماحته: «لقد دخلنا معركة “طوفان الأقصى” منذ 8 تشرين الأوّل، وما يجري على جبهتنا مهمّ ومؤثر جدًا وهو غير مسبوق في تاريخ الكيان، ولن يتم الاكتفاء بما يجري عليها على كلّ حال، والمقاومة الاسلامية في لبنان منذ 8 تشرين الأول تخوض معركة حقيقية لا يشعر بها إلا من هو موجود بالفعل في المنطقة الحدودية وهي معركة مختلفة في ظروفها وأهدافها وإجراءاتها واستهدافاتها»، مؤكّدًا أنّ «الجبهة اللبنانيّة خففت جزءًا كبيرًا من القوات التي كانت ستسخر للهجوم على غزة وأخذتها باتجاه لبنان، ولو كان موقف الحزب سياسيًّا والتظاهر لكان الإسرائيلي مرتاحًا عند الحدود الشمالية وكانت قواته ستذهب إلى غزة».
وأشار سماحته إلى أنّ «العدو يقلق من إمكانيّة أن تذهب هذه الجبهة إلى تصعيد إضافي أو تتدحرج هذه الجبهة إلى حرب واسعة، وهذا احتمال واقعي ويمكن أن يحصل وعلى العدو أن يحسب له الحساب».
وختم السيّد نصر الله كلمته: «المعركة هي معركة الصمود والصبر والتحمّل وتراكم الإنجازات ومنع العدو من تحقيق أهدافه، ونحن جميعًا يجب أن نعمل لوقف العدوان على غزّة وتنتصر المقاومة في غزة.. وأنا شخصيًا ومن موقع التجربة الشخصيّة مع الإمام الخامنئي الذي كرّر يقينه وإيمانه أنّ غزة ستنتصر وأنّ فلسطين ستنتصر، وهو الذي قال لنا ذلك في الأيام الأولى في عدوان تموز».