أصدر مجلس النوّاب «الصوريّ» في البحرين بيانًا رنّانًا حاول من خلاله «استلاب» نتائج الحراك الشعبيّ في البحرين الرافض للتطبيع والمطالب بإصرار بطرد السفير الصهيونيّ نهائيًّا وإغلاق وكر الصهيونيّة التجسسيّ في المنامة.
قبل تحليل بيان المجلس الصادر يوم الخميس 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، والمنشور على موقعه الإلكترونيّ، جدير نقله حرفيًّا مراعاة للمهنيّة والموضوعيّة، وهو الآتي:
«يؤكد مجلس النواب أن السفير الاسرائيلي في مملكة البحرين قد غادر البحرين، وقررت مملكة البحرين عودة السفير البحريني من إسرائيل الى البلاد، كما تم وقف العلاقات الاقتصادية مع اسرائيل، ويأتي ذلك تأكيداً للموقف البحريني التاريخي الراسخ في دعم القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق الذي أعلنه جلالة الملك المعظم في جميع المؤتمرات والمناسبات.
ويؤكد المجلس أن استمرار الحرب والعمليات العسكرية، والتصعيد الاسرائيلي المتواصل في ظل عدم احترام القانون الانساني الدولي، يدفعان المجلس الى المطالبة بالمزيد من القرارات والاجراءات التي تحفظ حياة وارواح الابرياء والمدنيين في غزة وكافة المناطق الفلسطينية.
ومعربا معالي رئيس مجلس النواب، عن فخره واعتزازه بما يوليه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، من حرص واهتمام لدعم القضية الفلسطينية، وموقف ثابت لا حياد عنه، وحق الشعب الفلسطيني في اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا للقرارات الدولية.
مجلس النواب
الخميس ٢ نوفمبر ٢٠٢٣».
يستحقّ المجلس تنويهًا حارًّا على تأكيده «مغادرة السفير الصهيونيّ» للبحرين، وتنويهًا ثانيًا لعدم وضوح تاريخ «المغادرة» ولا مدّتها، وثالثًا لإعلانه قرار النظام عودة سفيره – إذا كان حيًّا- من الكيان، وليس سحبه، ورابعًا على تأكيده وقف العلاقات الاقتصاديّة مع الكيان، وخامسًا وأخيرًا، وهنا يستحقّ التصفيق أيضًا، عن إعلانه أنّ كلّ هذه الإنجازات هي تأكيد «للموقف البحريني التاريخي الراسخ في دعم القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق الذي أعلنه جلالة الملك المعظم في جميع المؤتمرات والمناسبات» وليس للموقف الشعبيّ الملتهب يوميًّا، حيث يخرج المئات في كلّ البلدات متحدّين عنجهيّة النظام وقمعه واعتقالاته، ليعلنوا أمام العالم أنّ شعب البحرين هو الذي يرفض التطبيع؛ ليس فقط ما أسماه المجلس «علاقات اقتصاديّة»، بل كلّ مستويات التطبيع، وهو الذي يطالب بطرد السفير الصهيونيّ نهائيًّا من البحرين وليس فقط مغادرته، إضافة إلى إصراره على إغلاق سفارته المشؤومة في المنامة.
بالكاد احتفل «مجلس النوّاب» بإنجازه التاريخيّ «الوهميّ»، حتى سارع الكيان الصهيونيّ إلى هدّ دعائم هذا الإنجاز، ولم يسمح له حتى أن يعيش لحظاته، إذ جاء الردّ فاضحًا ما بين خفايا هذا البيان، فالمجلس تشريعيّ وليس تنفيذيًّا حتى يعلن هو «مغادرة السفير الصهيونيّ أو عودة سفير النظام لدى الكيان، أو قطع العلاقات الاقتصاديّة بين الجانبين».
إضافة إلى أنّ خارجيّة الكيان لم تتلقّ أيّ إعلانٍ أو قرارٍ من الحكومة الخليفيّ باستدعاء سفيرها، بل أكثر من ذلك نُقل عن وزارة الخارجيّة الصهيونيّة قولها إنّ «علاقات التّطبيع مع حكومة البحرين مستقرّة».
ورجّحت مواقع إخباريّة صهيونيّة أن تكون هذه الخطوة من «مجلس النوّاب» تهدف إلى تهدئة الشّعب البحرينيّ، أكثر من كونها علامة على تغييرٍ حقيقيّ في العلاقات بين الطّرفين.
ولكن، كما يبدو أنّ إعلام الكيان الصهيونيّ لم يكن، لحظة إعداده تقريره عن بيان المجلس، قد اطّلع على الدعوات الجماهيريّة الشعبيّة لإحدى عشرة تظاهرة اليوم وغدًا نصرة لفلسطين وغضبًا لغزّة.