رحلة تجدّد فيها العهد بالمضيّ على خطى مفجّر الثورات «الإمام الحسين (عليه السلام)»، كانت خطواتها الأولى عند أبواب العشق بين النجف وكربلاء، ليكون محطّ رحال الملايين من المحبّين في الأربعين بين الحرمين.
اختلط وقع أقدام الزوّار من كلّ البلدان على الطرق المؤدّية إلى كربلاء، ومع اختلاف ألسنتهم توحّدت قلوبهم على اسم يُفهم بكلّ اللغات هو «الحسين».
وتجديدًا لعهد الاستمرار حتى النصر رفرفت رايات شهداء البحرين بين جموع المشّاية، وعلت صورهم ووصاياهم شامخة كنجوم مضيئة، وحين يستريح الزوّار يستمعون إلى قصصهم وحكاياتهم التي كتبت بفصولها قصّة شعب ولد محمّديًّا وعاش علويًّا ومضي من أجل كرامته حسينيًّا.
على بُعد خطوات من القبّة الشريفة أقام ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير «معرض شهداء البحرين» السنويّ السادس لينال شرف خدمة زوّار الحسين «عليه السلام» طيلة سبعة أيّام، ويؤدّي حقّ شعب البحرين وشهدائه ومعتقليه عبر مجموعة من النشاطات والفعاليّات التي نجح من خلالها في كسر التعتيم الإعلاميّ أوّلًا وكسر شوكة النظام الخليفيّ الذي سعى حثيثًا لمنع إقامة هذا المعرض.
استقبلت الزوّار عند مدخل المعرض مجسّمات لشهداء البحرين، منهم من قتل ظلمًا على يد النظام، وبعضهم استشهد وهو يؤدّي تكليفه الجهاديّ، وآخرون ارتقوا من أجل القدس وفلسطين الحبيبة، ليكملوا ناحية الجداريّة التي اختصرت سنوات الثورة الاثنتي عشرة بمحطّات أبرزت نضال الشعب وتضحياته من أجل نيل حقّه في تقرير مصيره.
وبينما كان المعرض يحتضن الأحرار في برامج خطابيّة مع أعلام وشخصيّات دينيّة وحزبيّة، كانت أصوات المعتقلين تصدح عبر رسائل تبثّ مملوءة بالأمل والرجاء بالحريّة، وقبل أن يغادر الزوّار ليكملوا مسيرهم إلى قبلة العشق الأخيرة، يطالعون بطولات العبّاس «عليه السلام»، وصولات البحرانيّين وهم يواجهون غطرسة يزيد عصرهم.
يخرج الزائر من المعرض وهو على يقين أنّ ثورة 14 فبراير في البحرين ثورة سلميّة بكلّ المعايير، انطلقت من رحم شعب رزح طويلًا تحت نير حكم ظالم جائر، فأراد تقرير مصيره بما تمليه كلّ القوانين والدساتير الدوليّة، وهي ثورة لا تزال مستمرّة بعد أن سقط على دربها أكثر من 200 شهيد، واعتقل الآلاف من المواطنين بينهم الرموز والقادة وهُجّر آلاف آخرون، لكنّها لا تزال متوهّجة بصمود الشعب الذي شهد له العالم بأجمعه بأنّه صار أيقونة الشعوب المناضلة بأرقى الأساليب في مواجهة حكم همجيّ وحشيّ يتمسّك بعرشه على حساب الدماء والأرواح، ويستعين على أبناء الشعب الأصلاء بالمرتزقة ودول الاستكبار.