صدر عن ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير بيان بمناسبة الذكرى الـ52 لاستقلال البحرين، هذا نصّه:
بسم الله الرحمن الرحيم
نعبّر في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير عن اعتزازنا وتقديرنا الكبيرين للتّاريخ النَضاليّ الطّويل لشعب البحرين، ونؤكّد أنّ الحدثَ التّاريخي المهمّ الذي شهدته البلاد في 14 أغسطس من العام 1971م بإعلان الاستقلال عن الاستعمار البريطانيّ كان استحقاقًا شعبيًّا ووطنيًّا جديرًا بالاحتفاء والإحياء، رغم النّواقص والنّواقض التي ألمّت به ابتداء ولاحقًا.
ونرى أنّ هذا الحدثَ تمّ تحت تأثير الحراك الشّعبي المقاوم المتعدّد الأشكال، وليس لأسبابٍ جيوسياسيّة خارجيّة فحسب، وهذا التصوّر تبلورَ – بوضوح – مع الموقف المتحفّظ الذي أبدته القبيلة الخليفيّة، ومنذ البداية، إزاء خروج المستعمرين من البلاد، حيث ألحّ الحاكم السابق (عيسى) في الطّلب من البريطانيّين بالتّراجع عن قرار الانسحاب، وقال لهم المقولة العار: «إنّنا نرحّب ببقاء بريطانيا، ولم نطلب منها الخروج»، وهو القول ذاته الذي كرّره في العلن ابنه الطّاغية (حمد) في العام 2016م أمام البريطانيّين.
ونؤكّد أنّ حدثَ الاستقلال جرى في سياقٍ صراع محلّي وإقليميّ ودوليّ معقّد، لكنّ الفعل الاستعماريّ البريطانيّ (والأمريكيّ لاحقًا)؛ كان له تأثيره المباشر في الخليفيّين، وهو ما يفسّر التعثّر المتعمَّد الذي وقعت فيه عمليّة استقلال البحرين، عبر إفشال التّجربة شبه الدّيمقراطيّة وحلّ البرلمان ودستوره التعاقدي. وفي إطار معالجة هذا الالتباس التّاريخي ومخرجاته؛ فإنّ الائتلاف يطرح رؤيته لذكرى الاستقلال بناء على ثلاثة عناصر أساسيّة:
– العنصر الأوّل: ضرورة استعادة ذكرى الاستقلال والاحتفاء بها في مثل هذا اليوم من كلّ عام.
– العنصر الثّاني: تحرير هذه الذّكرى من السّرديّة الخليفيّة الاستعماريّة المزوَّرة.
– العنصر الثّالث: تحويل الاستقلال إلى مشروع متواصل جامع بين الحريّة والتّحرُّر.
وفي إطار هذه الرّؤية، يسجّل الائتلاف المفاهيم والعناوين الأساسيّة الآتية:
1- إنّ ذكرى استقلال البحرين هي عنوانٌ تحفيزيّ من أجل تأكيد الجمع بين مبدئَي السّيادة والاستقلال؛ لذا ندعو إلى تحويل هذا الشّعار إلى مادّةٍ فعّالة في الحراك المعارض، من خلال الرّبط الحيويّ بين مبدأ السّيادة الوطنيّة وشرطها المتمثّل في وضع دستور شعبيّ حقيقي يوفّر الإرادة الشّعبيّة الكاملة في الحكم وإدارة البلاد من جهة، ومن جهة ثانية مبدأ الاستقلال عن التّدخلات الأجنبيّة «الأمريكيّة، البريطانيّة، الصّهيونيّة، والسّعوديّة» التي تحمي الكيانَ الخليفيّ، وتمنع إنجاز الدّيمقراطيّة الشّعبيّة، وتساعده على ملاحقة القوى الحُرَّة، والإجهاز على مقوّمات العزّة والكرامة، حيث نرى أنّ هذا التّشبيك المطلبي هو مدخلٌ جوهريّ لمعالجة موضوع الأولويّات في العمل المعارض، ومن شأنه الرّد على الاتّهامات المبتورة في شأنِ رؤيةِ الحراك المعارض للملفّات الخارجيّة، وقضايا الأمّة.
2- يهدف الاحتفال بذكرى الاستقلال إلى إظهار المفاصلة بين الشّعب والكيان الخليفيّ، وهي مفاصلة تأسّست في مراحل مختلفة، وبينها مرحلة الاستقلال التي أظهر فيها الطّرفان تصادمًا في الرؤية والموقف. هذا العنوانُ يؤكّد أنّ هناك مفاصلة عميقة بين إرادتين ومشروعين: فهناك الإرادة الوطنيّة للشّعب، ومشروعه في العدالة والسّيادة، وتقابله إرادة القبيلة الخليفيّة في البغي والاحتلال، ومشروعها في سلْب هويّة الشّعب. وعليه، نرى في الائتلاف أنّه لا حلّ لهذا التّعاكس الوجوديّ بين هاتين الإرادتيْن إلا باقتلاع جذور الاستبدادِ والفساد الخليفيّ، والمضيّ الثّابت لإنجاز مشروع الاستقلال الحقيقيّ والكامل، عبر تمكين الشّعب من تقرير مصيره وكتابة دستوره بيده.
3- يُثبت إنكارُ الكيان الخليفيّ لذكرى الاستقلال عدم انتمائه لهذه الأرض وهويّتها الأصيلة. وإضافة إلى ذلك، يصرُّ هذا الكيان على التّبعية للإرادةِ الاستعماريّة البريطانيّة والأمريكيّة والصّهيونيّة، لنيْل الحماية في حربه المفتوحة على وجود المواطنين الأصلاء من السّنة والشّيعة وهويّتهم. إنّ تغييب تاريخ الاستقلال هو جزء من مشروع هذا الكيان في محو تاريخ البلاد واستبداله بتاريخ مزوّر. ومن هذه الخلفيّة؛ يأتي مقترح الائتلاف لإثارة ملفّ الإبادة الثّقافيّة التي يتعرّض لها شعب البحرين، والتي تتبلور كلّ يوم مع إعلان البرامج المعنيّة بتخطيط المدن، وإدارة السّكان، وتوزيع الأرض، وغيرها.
4- أخيرًا، إنّ رؤية الائتلاف تدعو إلى تطوير نطاق إحياء ذكرى الاستقلال، بما في ذلك الاستفادة من قرار مجلس الأمن بخصوص إعلان استقلال البحرين (القرار رقم 278 –1970) الذي أكّد إرادة أبناء شعب البحرين في «الاعتراف بهويّتهم في ظلّ دولةٍ مستقلّة، وسيادة كاملة وحُرَّة»، واعتبار إجهاض تجربة البرلمان ودستور 1973 العقدي بمثابة سلْبٍ لتلك الإرادة التي أقرّتها الأمم المتّحدة للشّعب، وهو ما ينسحب على كلّ الإجراءات الخليفيّة التي تتعارضُ مع ما ورد في نصّ قرار الاستقلال.
إنّنا في الائتلاف نؤكّد تمسّكنا بمواد الإعلان الدستوريّ الذي صدر في العام 2022 م وندعو المعنيّين الدّستوريّين والقوى المعارضة إلى البحث في ملفّ ارتكاب الخليفيّين وداعميهم – منذ العام 1975 حتّى اليوم – جريمة نقْض قرار الأمم المتّحدة، والبحث في السُّبل الممكنة لتحريكِ هذا الملفّ على المستوى الدّبلوماسيّ والقضائيّ الدّوليّ، وعلى أوسع نطاقٍ من الحراك السّياسيّ المعارض.
ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
البحرين المحتلّة
الإثنين 14 أغسطس/ آب 2023م