ليس غريبًا أن يتصدّر عنوان «جلالة الملك المعظم يشيد بجهود مختلف وزارات الدولة في تهيئة سبل نجاح مراسم إحياء ذكرى عاشوراء» الصفحة الرئيسة لموقع وكالة «بنا»، وهي الوكالة الرسميّة لنظام آل خليفة.
وتفصيلًا لهذا العنوان ذكرت الوكالة أنّ «حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه» أشاد بجهود مختلف وزارات الدولة ومؤسساتها في تهيئة سبل النجاح وتوفير كافة المقوّمات المطلوبة خلال مراسم إحياء ذكرى عاشوراء، التي ستبقى بخصوصيّتها وطابعها الروحانيّ من أبرز أركان الحريّات الدينيّة والتعدديّة المذهبيّة التي تنعم بها مملكة البحرين على امتداد العصور، والتعبير لـ«جلالة الملك».
ولأنّنا في البحرين، ومن منطلق حريّتنا الدينيّة، لنا أن نفصّل أكثر في مضمون «جلالته»، فجهود أجهزته بدأت قبل الموسم بتصاريح ولقاءات تضمّنت تهديدًا مبطنًّا حينًا وصريحًا حينًا آخر بأنّ ثمّة قيودًا صارمة على الموسم تلبّست بلبوس «الروحانيّ»، بمعنى آخر استبعاد أيّ جانب سياسيّ وثوريّ لعاشوراء والتي هي في الأصل حرب الحقّ على الظلم، أيّ أنّها ثورة سياسيّة بامتياز.
ومن مصاديق الحريّات الدينيّة التي تكلّم عليها «جلالته» السماح للشيعة بتعليق اليافطات الحسينيّة والعاشورائيّة والرايات السود نهارًا، لتأتي أجهزته وتزيلها ليلًا في عشرات المناطق، أضف إلى ذلك عيونه التي دسّها عند المآتم وبين المعزّين لتصيّدهم وهو ما جرى لشابين اعتقلا على خلفيّة «حريّتهما الدينيّة».
وتقول وكالة «بنا» إنّ «جلالته ثمّن ما قامت به الأجهزة الحكوميّة من جهود حثيثة ومتكاملة لإحياء ذكرى عاشوراء، مشيدًا بتقديم كافة الخدمات الأمنية والمجتمعية، وإحاطة الشعائر بالعناية والمتابعة اللازمة لضمان ممارستها بحرية ونُظم، ونوّه جلالته بجهود المؤسسات والأجهزة المعنية وعلى رأسها وزارة الداخليّة» التي استدعت يوم العاشر «سماحة الشيخ محمود العالي» الذي أمّ الصلاة المركزيّة في المنامة ليلة العاشر، وذلك للتحقيق.
وللعام الثاني على التوالي يمنع نظام «جلالته» الرواديد والخطباء من خارج البحرين من القدوم لإحياء الموسم فيها كما كان دأبهم طيلة سنوات.
يرى المجلس السياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير أنّ محاولات النظام الخليفيّ تزداد عامًا بعد عام لاختطاف موسم عاشوراء وقولبته وفق أهدافه المرسومة من أجل الانقضاض على القيم الأصيلة التي تمثّل جوهر الوجود البحرانيّ في البلاد، وهي تستند إلى مخطّطٍ ممنهج يهدفُ إلى تحريف الاعتقاد الدّينيّ وتجريم الشّعائر المعتبرة وقواعد الشّرع المقدّس التي لا يمكن أن تخضع لأيّ إرادة دنيويّة.
إذن كلّ شعارات النظام الخليفيّ و«جلالته» خاصّة وتصاريحه الرنّانة ما هي إلا ألاعيب للإيحاء بأنّه يحتضن موسم عاشوراء بإشراف من أجهزته، بينما حقيقة الواقع أنّه يسعى إلى مصادرته شكلًا ومضمونًا، وهو أمر يعيه شعب البحرين تحت ظلّ قيادته الحكيمة المتمثّلة بسماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم، ومن خلفه العلماء الأجلّاء