ألقى سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم خطابًا عشيّة عيد الغدير الأغرّ مساء الخميس 6 يوليو/ تموز 2023م أمام حشود الزوّار في صحن الغدير بحرم الإمام علي بن موسى الرضا «عليه السلام»، هذا نصّه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين
الصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا النبي الكريم وآله الطيبين الطاهرين
السلام على هذه الوجوه الطيبة النيرة بنور الإيمان
السلام على هذه الأفئدة التي غمرها حب الله، حبّ رسوله “صلَّى الله عليه وآله”، حبّ الأئمة الأطهار “صلوات الله عليهم أجمعين”.
السلام عليكم أيُّها الأخوة في الله
الليلةُ ليلةُ تجديد الولاء، تجديد الولاء لإمام السماء، الإمام عليّ بن أبي طالبٍ “عليه السلام”.
جدِّدوا الولاية له على مستوى القلب، على مستوى العقل، على مستوى الشعور، على مستوى العمل، على مستوى بناء الأسرة، على مستوى التعامل الإجتماعي، على مستوى الثقافة التي تتلقونها في هذه الحياة..
ارجعوا لعليٍّ “عليه السلام” رجعةً جديّةً صارمةً حاسمةً صادقةً دافعةً للأمام، لا تأبهوا بشيءٍ آخر، بغير الحق، بغير خطّ الله عزَّ وجلّ، دوسوا كلّ خطٍّ من خطوط الأرض المعادية للحقّ الإلهي، للعظمة الإلهيّة، لولاء أهل البيت “عليهم السلام”، اِعزفوا عن باطل الغرب والشرق، وباطل ما هو الداخل في الأمة الإسلاميّة، امسكوا بخطّ عليٍّ “عليه السلام”، الزموا خطّ عليٍّ “عليه السلام”، لا تبارحوا خطّ عليٍّ “عليه السلام” لحظةً واحدة.. في ذلك قوّتكم، في ذلك هيبتكُم، في ذلك تقدّمكم، في ذلك سيادتكم، في ذلك قوّتكم على الثورة، في ذلك قوّتكم على الصمود، في ذلك راحةُ حياتكم، سعادةُ حياتكم، سعادتكم ما بعد الموت..
الإمامةُ من الله عزَّ وجلّ؛ إمامةٌ ليست من الإمامة الاصطناعيّة، إنّها إمامةمصنوعةٌ على عين الله، إنّها إمامةٌ على مستوى التكوين قبل أن تكون إمامةً على مستوى التشريع، ما معنى أنَّ الإمامة تكوينية؟
أقصدُ هنا أنَّ الإمام مصنوعٌ صناعةً تكوينيّة خَلْقية، خُلِقَ الإمامُ إماما، اِحفظها عنّي أنَّ الإمام خُلِقَ إماماً، خُلَقَ فكراً هو فكر إمام، خُلِقَ قلباً هو قلبٌ إمام، خُلِقَ شجاعةً هو شجاعةٌإمام، خُلِقَ علماً هو علمٌ إمام، كلُّ ما في نفس الإمام في عقل الإمام في روحالإمام هو إمامُ العالم.
ليست هناك من روحٍ إلاّ وتحتاج إلى إمامة الإمام، ليس هناك من قلبٍ إلاّ وهو يحتاج إلى إمامة قلب الإمام، ليس هناك من علمٍ إلاّ ويحتاج إلى إمامة علم الإمام، ليس هناك من خبرة إلاّ وهي تحتاج إلى إمامة خبرة الإمام، ليس هناك من قيادة إلاّ وهي تحتاج إلى إمامة قيادة الإمام..
اشطبوا على كلّ قيادة لا تلتقي بقيادة الإمام “عليه السلام”، اشطبوا على كلّ قيادة لا ترجع إلى قيادة الإمام “عليه السلام”، اِلغوا كلّ قيادة لا تؤول إلى قيادة الإمام “عليه السلام”.
قيادةُ الإمام هي خطّ الله، هي قيادة الله، هي هداية الله عزَّ وجلّ.
ليس من قيادةٍ عند المؤمن بعد قيادة الرسول الأعظم “صلَّى الله عليه وآلهوسلَّم” يمكن أن تتقدَّم على إمامة الإمام، أو تساوي إمامة الإمام، وإمامة الأئمة من أبناء الإمام “عليه السلام”.
هم الطريق القويم إلى الله، هم الطريق الصاعد إلى الله، هم الطريق الذي لا يُقبل من أحدٍ إلاّ أن يكون عملاً آتٍ من طريقهم “صلواتُ الله وسلامه عليهم أجمعين”.
عندهم مخزون الكتاب، عندهم علم الوحي، عندهم العلم الذي يحتاجه الأوّلون، ويحتاجه الآخرون.
لن يأتِ يومٌ من الأيام على هذه الدنيا يمكن أن تستغني فيها عن علم الأئمة “عليهم السلام”، عن قيادة الأئمة “عليهم السلام”، عن شجاعة، صدق، إقدام، فدائيّة الإمام “عليه السلام”.
جيلكم والأجيال التي تأتي من بعدكم بدأت تتربّى على تربية الأئمة “عليهم السلام”، تتلقّى هداها من هدى الأئمة “عليهم السلام”، ترتشف من رحيق هدى الأئمة ونور الأئمة “عليهم السلام”، وبذلك يكون الإعداد ليوم القائم، لنجاة هذه الدنيا، لنجاة هذا الإنسان من حيث إنسانيته، وعلى مستوى دنياه، وعلى مستوى الآخرة.
اليوم مدرسةُ الأئمة “عليهم السلام”، مدرسة التشيُّع، مدرسة النبوّة، مدرسة أهل البيت “عليهم السلام” تصنعكم رجالاً جدداً في فكركم، في عزيمتكم، في قوّتكم، في إقدامكم، في التزامكم، في إصراركم على إنقاذ هذا العالم من ظلماءه.
أنتُم مُنْقِذُوا العالم أيُّها الشباب، أيُّها الكهول، أيُّها الكبار، أيُّها الأطفال، لأنّكم ثابتون على خطّ الإنقاذ، ولا خطّ للإنقاذ إلاّ خطّاً واحداً هو خطّ أهل البيت “عليهم السلام”، وسينتهي بكم وسينتهي بهذه الدنيا كلّها إلى قيادة الإمام القائم “عليه السلام”.
سيبرُزُ الحسين من جديد، سيبرز عليّبن أبي طالبٍ من جديد، ستبرز شخصيّة الرسول الأعظم “صلَّى الله عليه وآله” من جديد؛ وذلك من خلال ظهور الإمام القائم، نور الإمام القائم، دولة الإمام القائم “عليه السلام”.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.