زفّت البحرين اليوم شهيدًا جديدًا التحق بركب شهداء ثورة 14 فبراير المجيدة، تلك الثورة التي انطلقت عام 2011 من شعب لم يُشهد لغيره بسلميّته الفريدة من نوعها، غير أنّها صبغت بدماء الشهداء والجرحى بعد أن طالتها يد الإجرام الخليفيّ قتلًا وتعذيبًا ووحشيّة.
الشهيد «محمد عبد الله حسن يعقوب»، من أرض الفخر والفخار عالي، ولد في 20 يونيو/ حزيران 1991، وخاض غمار الثورة وهو ابن العشرين يدفعه عشق الحريّة والعيش بكرامة في وطن سلبه الأغراب وأباحوه للأعداء؛ فأبى الذلّة والهوان.
في 15 سبتمبر/ أيلول 2015 اعتقل الشهيد لتبدأ رحلة الموت البطيء بدءًا من التعذيب الوحشيّ الذي تعرّض له في التحقيق مرورًا بإصابته بالمرض وإهمال علاجه عمدًا حتى الإفراج عنه وهو على مشارف الرحيل.
في أكتوبر/ تشرين الأوّل 2016 حكم عليه بتهمة الإرهاب والانتماء إلى ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير بالسجن المؤبّد وإسقاط الجنسيّة وغرامة ماليّة قدرها 200 ألف دينار بحرينيّ.
لم يكن الشهيد يعاني أيّ أمراض مزمنة قبل الاعتقال، غير مرض نقص الخميرة وهشاشة بسيطة في العظام، لكنّه أثناء مدّة التوقيف في سجن الحوض الجاف عام 2016 بدأ يعاني من سعال قويّ لدرجة خروج الدم من فمه، وظلّ على هذه الحال لسنوات، حيث كان يكتفي النظام بعرضه على طبيب السجن وصرف دواء عاديّ له مع جلسة بخار شهريًّا، حتى ساء وضعه في العام 2020، حين بدأ يشعر بوخزات في قلبه وسرعة في دقاته، يصاحبها ارتفاع في حرارته، ما استلزم نقله إلى عياده السجن –التي تفتقر إلى أدنى مقوّمات العيادات الطبيّة- فازدادت حاله سوءًا.
شيئًا فشيئًا أخذت مناعة الشهيد محمد تضعف بينما تزداد عوارض السعال الدمويّ، حتى أصيب بفيروس كورونا مع مجموعة من السجناء في مايو/ أيّار 2021 بعد تفشّيه بسجن جوّ المركزي، فنقل معهم إلى العزل، وهناك تدهور وضعه إلى درجة فقدانه الوعي، لكنّ النظام لم ينقله إلى المستشفى بل اكتفى بنقله إلى محجر الحدّ.
لاحقًا، وأمام الواقع المرّ الذي وصلت إليه حال الشهيد أُجبر النظام الخليفيّ على نقله إلى المستشفى العسكري مع تكتّمه على مكانه ووضعه الصحيّ، حيث مكث فيه لمدّة 20 يومًا قبل أن ينقل إلى السلمانيّة، وهناك سُمح لعائلته التي ظلّت تبحث عنه طيلة أسابيع بزيارته وتمّ إعلامها بأنّه مصاب بسرطان الرئة.
في أغسطس/ آب 2021 أفرج النظام الخليفيّ عن الشهيد «لدواعٍ إنسانيّة» أي بعدما وصل إلى مرحلة لا شفاء منها، على الرغم من مطالبات ذويه العديدة للإفراج عنه لعلاجه على عاتقها.
يوم الأربعاء 5 يوليو/ تموز 2023 كُتب في سجلّ شهداء الثورة أنّ شهيدًا رابعًا ارتقى بعد أن استعصى علاجه من مرض السرطان الذي أُصيب به في السجون الخليفيّة لينضم إلى الشهداء «السيّد كاظم السهلاوي وحميد خاتم وعلي قمبر»، هو «الشهيد محمد عبد الله يعقوب العالي».